المخيزيم: التحول نحو الطاقة النظيفة ضرورة للبقاء

• أكد في مؤتمر «التحول الطاقي» أن فاتورة التغير المناخي جسيمة والعبء الأكبر على عاتق الدول النامية
• الوقيان: الاقتصادات المزدهرة تنوِّع مصادر دخلها وتستثمر في الإنسان والمعرفة والابتكار
• اللوغاني: النفط والغاز سيظلان عنصرين أساسيين في معادلة الطاقة العالمية والعربية
• المري: الإمارات العربية اعتبرت التحول الطاقي والتنوع الاقتصادي ركيزتين لمسيرتها التنموية

نشر في 16-09-2025
آخر تحديث 15-09-2025 | 21:15
تكريم المخيزيم خلال المؤتمر
تكريم المخيزيم خلال المؤتمر

أكد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة وزير المالية وزير الدولة لشؤون الاقتصاد والاستثمار بالوكالة رئيس مجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط د. صبيح المخيزيم، أن العالم يواجه تحديات غير مسبوقة أبرزها التغير المناخي، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، «وهذا يفرض علينا جميعاً مسؤولية مشتركة، ويحتم علينا تضافر الجهود لمواجهة هذا الواقع والحد من تفاقمه»، مشدداً على أن التحول نحو طاقة المستقبل لم يعد خياراً، بل أصبح حتمية تفرضها ضرورة البقاء.

جاء ذلك خلال افتتاح المخيزيم مؤتمر «تمكين المستقبل: التحول الطاقي وتنويع الاقتصاد في الدول العربية»، الذي يأتي ثمرة شراكة استراتيجية بين المعهد العربي للتخطيط، ومنظمة الطاقة العريبة (أوابك سابقاً)، وكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.

وقال المخيزيم في كلمة افتتاح المؤتمر، إن«الدلائل الراهنة تشير إلى أن فاتورة التغيرالمناخي ستكون جسيمة، وأن العبء الأكبر سيقع على عاتق الدول النامية، وفي طليعتها دولنا العربية التي تقع في قلب هذه الأزمة، وأمام هذا الواقع».

وتابع أن نجاح التحول الطاقي يكمن في توظيف 3 أسس لا غنى عنها، هي تعميق التعاون العربي، وتعزيز الشراكات مع العالم، وتطوير قنوات التمويل الأخضر لضمان الاستدامة ومستقبل أفضل لمجتمعاتنا العربية.

وأكد أن «المؤتمر يشكل منصة علمية وحوارية مهمة تجمع نخبة من الخبراء والأكاديميين وصناع القرار، بما يتيح تبادل التجارب وتقديم رؤى علمية تساعد في سياسات أكثر فاعلية، ونأمل أن تسفر نقاشاته عن توصيات واضحة قابلة للتنفيذ تسهم في تعزيز موقع منطقتنا العربية على خريطة الطاقة العالمية، وتمكن شعوبنا من مستقبل أكثر ازدهاراً وستدامة».

قيود تنموية

بدوره، قال المدير العام للمعهد العربي للتخطيط د. عادل الوقيان: «إننا جميعا ندرك أن عالمنا لايزال يشهد تحديات غير مسبوقة في مجالي الطاقة والاقتصاد وتحولات المناخ وتقلبات الأسواق وازدياد فجوة التطورات التكنولوجية بين أقطار العالم، الأمر الذي يزيد من القيود التنموية على الدول العربية».

وأضاف الوقيان «إننا نتفق على أن الاقتصادات المزدهرة مستقبلاً هي التي تنوع مصادر دخلها وتستثمر في الإنسان والمعرفة والابتكار، ويتطلب تحقيق هذا التحول الاستراتيجي رؤيةً مشتركة وتنسيقاً عالي المستوى لتحويل تلك التحديات إلى فرص حقيقية، ويأتي هذا المؤتمر كمنصة لتكامل الجهود وصياغة استراتيجيات فعالة لمستقبل مستدام».

وأشار إلى أن المنطقة العربية تمتلك من الثروات والموارد البشرية ما يؤهلها لتكون شريكاً فاعلاً في خريطة الطاقة العالمية، لكن التحدي يكمن في تحويل هذه الإمكانات إلى إنجازات مستدامة، وذلك عبر تنويع الدخل والاستثمار في الاقتصاد الأخضر.

وأوضح أنه في الوقت الذي يُمثل التحول الطاقي العالمي مُنعطفاً حرجاً للدول المعتمدة على تصدير الطاقة الأحفورية، إلا أنه يمثل أيضاً فرصة لتسريع تحولها نحو اقتصاد متنوع قائم على المعرفة وفرصة للدول الفقيرة بالطاقة التقليدية لاستغلال الطاقات المتجددة.

وذكر أن الدراسات تشير إلى تدهور وشيك مع استمرار ارتفاع حرارة الأرض التي بلغت بالفعل 1.2 درجة مئوية فوق المتوسط، ومعه بدأت الكثير من المناطق الزراعية تغيير منتجاتها للتأقلم مع هذا التغير غير المنضبط.

وتابع أن العلماء يتوقعون حدوث كارثة إنسانية إذا وصل الارتفاع إلى درجتين، التي سينتج عنها ارتفاع منسوب المحيطات وغمر أراضٍ وتلوث أنهار وما يستتبعه من تدهور للصحة العامة والأمن الغذائي، وتشير التقديرات إلى أن عدم مواجهة تغير المناخ سيكلف العالم ما بين 11 في المئة و14 في المئة من الناتج العالمي، وستتحمل الدول النامية الجزء الأكبر من الخسائر.

وقال إن تغيير هذا الواقع يتطلب سياسات صناعية جادة، وتنويعاً اقتصادياً، وتشجيعاً للاستثمار عبر التمويل الأخضر والمستدام، مؤكداً أن الاستمرار في الاستثمار في البناء الفكري للإنسان العربي عبر التعليم وبناء القدرات والبحث العلمي والابتكار هو جوهر أي تحول ناجح، والركيزة الأساسية لتحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً لأجيالنا القادمة.

اللوغاني: الاستثمارات العربية في مشاريع الطاقة المتجددة ارتفعت بنسبة 35% خلال 2024

ضرورة استراتيجية

من ناحيته، قال الأمين العام لمنظمة الطاقة العربية جمال اللوغاني، إن التحول الطاقي لم يعد خياراً بل ضرورة استراتيجية تفرضها التزاماتنا البيئية وتطلعاتنا التنموية، وتغيرات الأسواق العالمية، لافتاً إلى أن تنويع الاقتصاد العربي وتحريره من الاعتماد المفرط على الموارد الأحفورية يمثلان ركيزة أساسية لتحقيق الاستدامة وتعزيز التنافسية.

وأكد اللوغاني أن النفط والغاز سيظلان عنصرين أساسيين في معادلة الطاقة العالمية والعربية خلال العقود القادمة، لأنهما يشكلان دعامة اقتصادية واستراتيجية للدول العربية من حيث الايرادات وفرص العمل والاستثمارات الصناعية.

وأشار إلى أنه وفقاً لتقرير المنظمة (أوابك سابقاً) لعام 2024 ارتفعت الاستثمارات العربية في مشاريع الطاقة المتجددة بنسبة 35 في المئة مقارنة بعام 2020 لتصل إلى أكثر من 18 مليار دولار تشمل مشاريع الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

وقال إن المنظمة تؤمن بأن التكامل بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة هو السبيل الأمثل لتحقيق أمن الطاقة، وضمان استقرار الإمدادات، وتلبية الطلب المتزايد، مع الالتزام بالمعايير البيئية، داعياً إلى نهج واقعي ومتوازن في سياسات الطاقة، يراعي الخصوصيات الوطنية، ويستفيد من مزايا كل مصدر، ويعزز من قدرة الدول العربية على المنافسة عالمياً.

تحديات اقتصادية

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية د. على المري، إن «التحديات الاقتصادية تتقاطع مع ضغوط التغير المناخي والتطورات التكنولوجية، بما يفرض علينا إعادة صياغة سياساتنا الوطنية والإقليمية لتحقيق أمن الطاقة وتعزيز التنويع الاقتصادي، وإن التقلبات في أسواق النفط، والطلب المتنامي على الطاقة النظيفة، وتداعيات التغير المناخي، عوامل تضعنا أمام مسؤوليات جديدة تستوجب خططاً مبتكرة ورؤى شاملة لمستقبل أكثر استدامة وعدلاً».

وأضاف المري أن دولة الإمارات العربية المتحدة أدركت مبكراً هذه التحولات، فاعتبرت التحول الطاقي والتنوع الاقتصادي ركيزتين أساسيتين لمسيرتها التنموية، وانعكس ذلك في السياسات الطموحة التي تبنتها قيادتها الرشيدة، والقائمة على الاستثمار في الإنسان، وتمكين الشباب، وبناء البنية التحتية المعرفية والتكنولوجية.

ولفت إلى أن القطاعات غير النفطية تمثل اليوم محركاً رئيسياً للنمو في الدولة، بما يعكس نجاح استراتيجيات التنويع الاقتصادي وسبقها في استشراف المستقبل.

4500 ميغاواط طموحات مشاريع الطاقة النظيفة

قال اللوغاني إن مجمع الشقايا في الكويت يعد أحد مشاريع الطاقات المتجددة الطموحة الذي يتكون من محطة شمسية طاقتها 50 ميغاوات، إضافة إلى توربينات رياح بطاقة 10 ميغاواط، لافتا الى أن نجاح هذا المشروع شجع الكويت على إعلان مشاريع شمسية أخرى، مثل «مشروع العبدلية» و«جنوب الكويت» وغيرهما، ليصل إجمالي القدرة المستهدفة عبر مشاريع مثل الشقايا والدبدبة وغيرها إلى حوالي 4500 ميغاواط في العقد المقبل.

وأشار إلى أنه على صعيد الرياح، إلى جانب توربينات الشقايا، هناك خطط لإقامة مزارع رياح أكبر في مناطق الوفرة والسالمي، نظرا لطبيعة الكويت الصحراوية المكشوفة الملائمة للرياح، وإذا نُفذت جميع هذه الخطط فستتمكن الكويت من تفادي انبعاثات كربونية كبيرة وتقليل اعتماد محطاتها على حرق النفط الخام والوقود الثقيل لتوليد الكهرباء.

الوقيان: عدم مواجهة تغير المناخ يكلف العالم ما بين 11% و14% من الناتج العالمي

27 مليار دولار للطاقة المتجددة في 2024

أكد د. عادل الوقيان أن الانتقال إلى الطاقات النظيفة يتطلب استثمارات هائلة، قدّرتها الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ بنحو 4.5 تريليونات دولار سنويا حتى عام 2050، لإبقاء ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.

وأضاف الوقيان أنه من المؤشرات الإيجابية في هذا السياق بلوغ حجم سوق الطاقة المتجددة في المنطقة العربية حوالي 27 مليار دولار عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 14 في المئة سنويا ليصل إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2030 عالمياً.

وأشار إلى أن الطاقات المتجددة شكلت حوالي 14 في المئة فقط من إجمالي الطلب العالمي عام 2024، وأسهمت بنسبة 32 في المئة بإنتاج الكهرباء، أما في المنطقة العربية، فلا تزال الطاقة الأحفورية تهيمن بنسبة 96 في المئة من المزيج الطاقي عام 2024، مع وجود برامج طموحة لزيادة حصة الطاقة المتجددة.

back to top