الجواب الجيني للأمراض النادرة

نشر في 15-09-2025
آخر تحديث 14-09-2025 | 19:54
 وول ستريت جورنال كان يُفترض ألا يعيش الطفل كاي جاي مولدون حتى عيد ميلاده الأول. فقد وُلد في أغسطس 2024 باضطراب وراثي نادر يمنع جسمه من التخلص من الأمونيا، ما يسبِّب تلفاً دماغياً وموتاً مُبكراً. العلاج التقليدي هو زرع كبد محفوف بالمخاطر للرضع. لكن أطباء في فيلادلفيا صمَّموا جيناً بديلاً، وأوصلوه إلى كبده بجسيمات نانوية دهنية. في مايو أعلن الأطباء نجاح العلاج، واليوم كاي جاي ينمو بصحةٍ جيدة.

هذه القصة تبرز كيف يمكن للتشخيص المبكر والتقنيات الجينية إنقاذ حياة عشرات آلاف الأطفال كل عام. تقول كاثرين ستولاند، الرئيسة التنفيذية لشركة «GeneDx»، إن الهدف هو التشخيص في أقرب وقت «لمنح هذه العائلات فرصة حياة طبيعية».

أسست GeneDx عام 2000 على يد باحثين سابقين في المعاهد الوطنية للصحة، عندما كانت الأمراض النادرة مهملة، بسبب ارتفاع كُلفة تحليل الجينوم. اليوم، بعد انخفاض التكاليف، تستطيع الشركة فحص آلاف الطفرات المسؤولة عن أكثر من 4800 اضطراب وراثي. وقد حللت جينومات أكثر من 850 ألف شخص، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لربط الأمراض بالطفرات. تقول ستولاند: «كُنا نظن أن هناك 7 آلاف مرض نادر، والآن نعرف أن العدد يقترب من 10 آلاف».

معظم هذه الأمراض ناتج عن طفرة واحدة، ما يجعل العلاج الجيني خياراً واعداً. مئات العلاجات الجينية قيد التجارب السريرية، وبعضها ينتظر موافقة هيئة الغذاء والدواء.

اهتمام ستولاند بالأمراض النادرة بدأ منذ طفولتها، بعد إصابة أبناء عمومتها بالتليف الكيسي. درست الأدب الإنكليزي، ثم عملت في شركات تشخيص صغيرة، حتى أصبحت الرئيسة التنفيذية لـ GeneDx عام 2021.



تشير إلى أن نحو 95 في المئة من الحالات التي تكشفها الشركة لا يمكن رصدها بفحوص حديثي الولادة التقليدية. كما أن توسيع قاعدة البيانات يسمح بإعادة تصنيف الطفرات «مجهولة الدلالة»، ما يمهد لتشخيص أمراض معقدة، مثل التوحد، وربما معالجتها في المستقبل. وتذكر حالة شاب مكَّنه التشخيص الدقيق من المشاركة في تجربة علاج جيني لجين SHANK3.

ثلث أطفال وحدات العناية المركزة يعانون اضطرابات وراثية، لكن قلَّة يخضعون لاختبارات جينية. لذلك تشارك GeneDx في مشروع ضخم بنيويورك لفحص جينات كل مولود وتشخيص أكثر من 450 حالة قابلة للتدخل العلاجي المبكر. النتائج الأولية تشير إلى أن أكثر من 3 في المئة من الأطفال لديهم اضطراب يُمكن معالجته قبل ظهور الأعراض.

قصة الطفلة مارغو مثال حيّ: فحصها كشف إصابتها باضطراب نادر يسبِّب نوبات وتأخر نمو. التشخيص المبكر مكَّن عائلتها من بدء علاج قلَّل النوبات بشكلٍ شبه كامل.

ترى ستولاند أن الفحص المبكر يوفر على النظام الصحي تكاليف باهظة، ويختصر سنوات من المعاناة. بعض الولايات، مثل فلوريدا، أقرَّت قوانين تُتيح فحص المواليد مجاناً، بعد أن فقد مشرّع ابنه بمرض وراثي قاتل.

تكلفة اختبار GeneDx نحو 3700 دولار، لكن ستولاند تؤكد أن الأسعار تتراجع مع التقدُّم التكنولوجي. تقول إن أول جينوم بشري استغرق 13 عاماً، وكلف 3 مليارات دولار، أما اليوم فيمكن قراءته خلال 48 ساعة.

وتختم بالقول إن الهدف الأسمى هو مساعدة أطفال، مثل كاي جاي، وعائلاتهم: «قصص كهذه تمنحنا جميعاً الأمل– كمجتمع، وصناعة، وأمة».

* أليسا فينلي

back to top