«الوطني»: الاقتصاد الأميركي يُظهر مؤشرات مبكرة على التراجع
• «وول ستريت» تسجل مستويات قياسية جديدة... والذهب يقترب من حاجز 3650 دولاراً
دخل الاقتصاد البريطاني مرحلة من الجمود في يوليو، مع بقاء الناتج المحلي الإجمالي دون تغيير، مسلطاً الضوء على ضعف قطاعَي التصنيع والإنتاج الصناعي.
وفي الولايات المتحدة، ووفق تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، قفزت طلبات إعانة البطالة إلى أعلى مستوياتها في 4 أعوام، في حين تسارع التضخم إلى 2.9 بالمئة على أساس سنوي، مع استقرار التضخم الأساسي عند 3.1 بالمئة، مما عزز توقعات خفض «الاحتياطي الفدرالي» لأسعار الفائدة خلال الأسبوع الجاري، بل وأثار تكهنات بخطوة أكبر تصل إلى 50 نقطة أساس.
في المقابل، جاء مؤشر أسعار المنتجين مفاجئاً بانكماش شهري 0.1 بالمئة، مما دفع القراءة السنوية للتراجع إلى 2.6 بالمئة، مؤكداً إشارات التباطؤ التضخمي. وعلى صعيد الأسواق، سجلت «وول ستريت» مستويات قياسية جديدة، بينما اقترب الذهب من حاجز 3650 دولاراً للأونصة، بدعم من تزايد الطلب على الملاذات الآمنة.
وفي الوقت ذاته، حذّر صندوق النقد الدولي من ضعف الطلب الأميركي وتباطؤ سوق العمل، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية. أما في الصين، فقد انخفض مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.4 بالمئة على أساس سنوي، فيما تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.9 بالمئة، مما يعني استمرار انكماش أسعار البيع المباشرة للمنتجين على مستوى المصانع، وإن كان بوتيرة أبطأ، في إشارة واضحة على هشاشة الطلب المحلي.
وفي أوروبا، أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير، مع تبنّي نبرة أكثر تشدداً، إذ أكدت كريستين لاغارد أن مرحلة الانحسار التضخمي قد «انتهت»، الأمر الذي دعم صعود اليورو مجدداً فوق مستوى 1.1700 دولار.
التضخم الأميركي
وارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.9 بالمئة في أغسطس الماضي، مسجلاً أعلى مستوياته منذ يناير وبما يتسق مع التوقعات، بعدما استقر عند 2.7 بالمئة في يونيو ويوليو. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة أسعار الغذاء، والسيارات المستعملة والجديدة، إلى جانب أول صعود لأسعار الطاقة منذ 7 أشهر، إذ تباطأت وتيرة تراجع أسعار البنزين وزيت الوقود، فيما ظلت تكاليف الغاز الطبيعي مرتفعة.
أما تضخم المسكن، فقد تراجع هامشياً على أساس سنوي، لكنّه سجل زيادة شهرية بنسبة 0.4 بالمئة، مما ساهم في رفع قراءة مؤشر أسعار المستهلكين إلى 0.4 بالمئة على أساس شهري، بما يُعد أسرع معدل نمو يسجله منذ يناير.
في المقابل، استقر التضخم الأساسي عند 3.1 بالمئة في أغسطس الماضي، دون تغيير عن يوليو ومتوافقاً مع التوقعات. وسجلت تكاليف المسكن ارتفاعاً سنوياً بنحو 3.6 بالمئة، مقابل 3.7 بالمئة في الشهر السابق، فيما برزت زيادات ملحوظة في تكاليف الرعاية الطبية (+3.4 بالمئة)، والمفروشات المنزلية (+3.9 بالمئة)، والسيارات المستعملة (+6.0 بالمئة)، والتأمين على السيارات (+4.7 بالمئة). وعلى أساس شهري، ارتفع المؤشر الأساسي بنسبة 0.3 بالمئة، بنفس وتيرة يوليو.
طلبات الحصول على إعانات البطالة
قفزت طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة بمقدار 27 ألف وظيفة، لتصل إلى 263 ألفا في مطلع سبتمبر، لتسجل بذلك أعلى مستوياتها منذ أكتوبر 2021، متجاوزة بوضوح التوقعات البالغة 235 ألفاً، في إشارة إضافية إلى تزايد الضغوط على سوق العمل. وارتفع متوسط المطالبات لأربعة أسابيع بمقدار 9750 طلباً إلى 240.500، مسجلاً أكبر زيادة أسبوعية منذ ديسمبر 2020.
وسجلت ولاية تكساس أكبر ارتفاع غير معدل (+15.304 طلبات). أما المطالبات المستمرة فقد استقرت عند 1.93 مليون طلب، وكانت دون التوقعات إلى حد ما، لكنها ما زالت تفوق المستويات المعتادة لما بعد عام 2021.
عجز الميزانية الأميركية
سجلت الولايات المتحدة في أغسطس الماضي 345 مليار دولار عجزاً في الميزانية، بتراجع 9 بالمئة على أساس سنوي، بدعم من قفزة الإيرادات الجمركية الناتجة عن الرسوم التي فرضها الرئيس ترامب، والتي ارتفعت بمقدار 22.5 ملياراً. لكن العجز اتسع منذ بداية العام بنسبة 4 بالمئة، ليصل إلى 1.97 تريليون دولار، مما يعكس استمرار ارتفاع مستويات الإنفاق.
وارتفعت إيرادات أغسطس بنسبة 12 بالمئة، لتسجل 344 ملياراً، في مستوى قياسي، فيما صعدت النفقات بنحو ملياري دولار، لتسجل 689 ملياراً، في مستوى قياسي جديد أيضاً.
وسجل صافي الإيرادات الجمركية قفزة هائلة، ليصل إلى 29.5 مليار دولار، مقابل 7 مليارات قبل عام، مما يبرز الأثر المباشر للرسوم الجمركية. وعلى الرغم من تحسّن مستوى العجز على أساس شهري، فإن الضغوط المالية لا تزال قائمة مع استمرار تزايد مستوى العجز الإجمالي.
صندوق النقد
وحذّر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد الأميركي بدأ يظهر مؤشرات مبكرة على التراجع، وسط تباطؤ الطلب المحلي وتراجع نمو الوظائف. وأشار الصندوق إلى أن التضخم يقترب من المستوى المستهدف للاحتياطي الفدرالي البالغ 2 بالمئة، إلا أن الرسوم الجمركية التي فرضت في عهد ترامب لا تزال تشكّل خطراً، بعد أن ساهمت في تعزيز تقلبات الواردات في وقت سابق من العام الحالي، وتضيف حالياً إلى ضغوط الأسعار.
ورأى الصندوق أن هناك مجالاً لخفض أسعار الفائدة، لكنه دعا «الفدرالي» إلى المُضي قُدماً بحذر، استناداً إلى البيانات الاقتصادية. كما لفت إلى أن المراجعة الهبوطية الأخيرة التي أجرتها الحكومة الأميركية، وشملت 911 ألف وظيفة حتى مارس، تُعدّ كبيرة بشكل غير معتاد، مما يشير إلى أن ضعف سوق العمل بدأ قبل رفع الرسوم الجمركية. ومن المقرر أن يتناول تقرير المراجعة المقبلة لصندوق النقد الدولي حول الاقتصاد الأميركي هذه القضايا بشكل مفصل في نوفمبر المقبل.
منطقة اليورو... السياسة النقدية
أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير (الودائع عند 2.00 بالمئة، وإعادة التمويل عند 2.15 بالمئة، والإقراض عند 2.40 بالمئة) بما يتسق مع التوقعات، في ظل اقتراب التضخم من المستوى المستهدف واستقرار التوقعات المستقبلية.
وأظهرت التقديرات المحدّثة وصول معدل التضخم الكلي إلى 2.1 بالمئة في العام الحالي، قبل أن يتراجع إلى 1.7 بالمئة عام 2026، على أن يعاود الارتفاع مجدداً إلى 1.9 بالمئة عام 2027، فيما يتوقع للتضخم الأساسي أن يسجل 2.4، و1.9 و1.8 بالمئة على التوالي. كما تم تعديل توقعات النمو إلى 1.2 بالمئة عام 2025، ثم تباطؤ وتيرته لتصل إلى 1.0 بالمئة عام 2026 قبل تعافيه هامشياً إلى 1.3 بالمئة عام 2027. وجدد «المركزي» الأوروبي تأكيده على النهج الحذر القائم على البيانات، فيما صرحت كريستين لاغارد بأن «مرحلة الانحسار التضخمي قد انتهت»، في إشارة واضحة إلى اقتراب نهاية دورة التيسير النقدي.