إذا كان كل ما تملك مطرقة!
إذا كان كل ما تملكه مطرقة، فسيظهر لك كل أمر آخر على أنه مسمار، ربما كانت تلك حكمة للكبير تشومسكي في لقاء له. الولايات المتحدة لديها المطرقة، فلتضرب كل ما تتصوره في العالم مسماراً، لتحقق مصلحتها أو مصلحة الأوليغارشية المتحكمة في السلطة، إسرائيل مطرقتها للهيمنة على المنطقة، مع أن مسامير المنطقة العربية تخضع لها باعتبار معظم دولها تابعة للمركز الأميركي، من غير حاجة إلى استعمال مطرقة الإجرام الصهيونية، علاقة تبادلية بين الاثنين، ليس فقط اللوبي الصهيوني وملكيته لـ «الكونغرس» هو الذي يسيّر سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بل إن إسرائيل بدورها تخدم المصلحة الأميركية.
الرئيس السابق بايدن قالها بوضوح: لو لم تكن هناك إسرائيل لكان من الواجب خلقها. قبله إسحاق رابين ذكر أن إسرائيل ليست مدينة لأميركا، بل هي مدينة لنا، وانتبه الراحل فؤاد زكريا لهذه الملاحظة منذ زمن قديم.
إذا كانت حكمة تشومسكي صادقة في سلوك الامبراطوريات الأميركية، أولاً، أو البريطانية أو الفرنسية قبلها، فإمّا أن تذعن وإلّا فإن المطرقة ستهشم رأسك، فهي أصدق أيضاً في طبيعة الأنظمة الاستبدادية أياً كانت صورها ونماذجها، المشترك بينها دائماً هو «الأخ الأكبر» يراقبك كما في رواية أورويل 84، فكلّ محاولة للتعبير عن رأيك المخالف لرأي القوى الحاكمة مُعرّض للطرق بمطرقة الدولة... انتبه، ولا تتكلم إلّا بما هو مسموح، الذي يخضع لعشوائية قرار السلطة وإلّا... وهناك دائماً عملية تلقين مستمرة عبر الإعلام تملي بما تريده السلطات الحاكمة.
يذكر تشومسكي... ينطوي نظام التلقين الفعّال على تشكيلة من المهام، يتسم بعضها بالدقة والحساسية نوعاً ما، وتمثّل الجماهير الجاهلة المغلقة أحد أهدافه. ينبغي إبقاؤهم على حالهم تلك، يتلهون بشروح مبسطة مشحونة عاطفياً... يظلون مهمشين ومعزولين. يتجلى الوضع المثالي في أن يجلس كل شخص بمفرده مقابل شاشة التلفاز متابعاً الرياضة أو المسلسلات الطويلة أو البرامج الكوميدية، محروماً من الهياكل التنظيمية التي تتيح للأفراد قليلي الموارد استجلاء معتقداتهم وإرادتهم من خلال التفاعل من الآخرين.
حياة إنسانية من غير حرية الفكر والنقد الجاد لا معنى لها، يصبح البشر أجساداً تسعى بالأرض كالقطيع يُساق للمذبح، أضحوا أرقاماً لا أكثر.