الكويت: «إعلان نيويورك» خطوة لحلّ الدولتين
• أغلبية عالمية ترى في إقامة الدولة الفلسطينية حلاً وحيداً للصراع... وإسرائيل معزولة
رحبت الكويت ودول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية والعديد من دول العالم، باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأول، بأغلبية ساحقة، قراراً لمصلحة إعلان يدعو إلى اتخاذ «خطوات ملموسة، محددة زمنياً ولا رجعة فيها» نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويعكس هذا الإعلان، الذي حاز تأييد 142 دولة مقابل معارضة 10 وامتناع 12 أخرى، شرعية دولية متزايدة للمطالب الفلسطينية، ويضع ضغطاً دبلوماسياً وسياسياً على الدول المعنية لبدء خطوات ملموسة نحو تنفيذ هذا الحل، ويعزز قدرة السلطة الفلسطينية على المطالبة بحقوقها في إطار القانون الدولي.
كما يشير إلى وجود أغلبية عالمية ترى في إقامة دولة فلسطينية الطريق الأكثر واقعية لإنهاء الصراع، ما يزيد من مصداقية المفاوض الفلسطيني في المحافل الدولية، ويحد من قدرة القوى المعارضة على عرقلة المسار نحو الدولة الفلسطينية.
وأكد وزير الخارجية عبدالله اليحيا أن اعتماد «إعلان نيويورك» يمثل «خطوة بالغة الأهمية تعكس الإرادة الجماعية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتحقيق السلام العادل والدائم».
وشدد اليحيا على أن «الإعلان يجسد التزام المجتمع الدولي بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لاسيما ما نص عليه من رفض أي محاولات لفرض الأمر الواقع أو إحداث تغييرات إقليمية أو ديموغرافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك سياسات التهجير القسري».
وأوضح أن «ما تضمنه الإعلان من دعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة والإفراج عن جميع الأسرى والمحتجزين وإدانة واضحة للحصار والتجويع والاعتداءات على المدنيين والأعيان المدنية، إنما يعكس وعياً متزايداً بخطورة الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال».
وأعرب عن تقدير الكويت للجهود التي بذلتها السعودية وفرنسا في قيادة المشاورات وصياغة هذا الإعلان، مجدداً التأكيد على «ثبات موقف الكويت التاريخي والراسخ في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمه في نضاله المشروع لإنهاء الاحتلال ونيل حقوقه غير القابلة للتصرف»، مشيراً إلى أن «تحقيق حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل في المنطقة».
وتضمن القرار، الذي اعتُمد قبيل القمة السنوية لقادة العالم في نيويورك، إدانة الهجمات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية في غزة، والحصار والتجويع، مع التأكيد على ضرورة إنهاء الحرب فوراً.
بدورها، أكدت دول مجلس التعاون الخليجي أن اعتماد «إعلان نيويورك» يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وكانت فلسطين والسعودية ومصر والأردن وغيرها الكثير من الدول والجامعة العربية ورابطة العالم الإسلامي، رحبت بالإعلان، واعتبره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطوة في «طريق لا رجعة فيه نحو السلام».
في المقابل، رفضت إسرائيل، التي تبدو معزولة على الساحة الدولية، القرار، وقال المتحدث باسم خارجيتها: «مرة أخرى، تأكّد إلى أي مدى تُعد الجمعية العامة سيركاً سياسياً منفصلاً عن الواقع، في العشرات من بنود الإعلان الذي تبناه هذا القرار، لا يوجد ذكر واحد بأن حماس هي منظمة إرهابية».
«الوزاري العربي الإسلامي» يبحث دعم الدوحة ولجم إسرائيل
مساعٍ لإحياء «الناتو العربي»... وبغداد تتلقى تحذيرات من اعتداء
عشية انعقاد القمة العربية - الإسلامية الطارئة التي دعت لها قطر عقب تعرضها لاعتداء إسرائيلي غادر أودى بحياة 5 من كوادر «حماس» وعنصر أمن قطري، يبحث وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية اليوم في الدوحة بلورة مشروع قرار داعم للدوحة ومندد بالهجوم، في اجتماع تحضيري تستضيفه الدولة الخليجية.
وفي وقت أكد المتحدث باسم «الخارجية» القطرية ماجد الأنصاري أن توقيت القمة يعكس دلالات تشير لدعم بلده وإدانة «إرهاب الدولة الإسرائيلية»، شدد رئيس وزراء قطر وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن في اجتماع مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على أن الدوحة «ستتخذ جميع الإجراءات لحماية أمنها، والمحافظة على سيادتها تجاه الهجوم الإسرائيلي السافر».
وفيما ندد مجلس الأمن الدولي بالإجماع بالغارات على الدوحة، معرباً عن التضامن معها دون ذكر لإسرائيل، أعربت وزارة الخارجية عن إدانة واستنكار الكويت الشديدين للتصريحات العدائية والتهديدات التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بحق قطر، مؤكدة وقوف الكويت مع الدوحة بكل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها.
وفي حين أشارت تقديرات إلى 3 خيارات خليجية للرد على الهجوم غير المسبوق هي تصعيد دبلوماسي عبر قطع العلاقات أو تخفيضها بموازاة رفع قضايا دولية ضد الدولة العبرية أو بتفعيل «درع الجزيرة» وقيادة مشتركة للدفاعات المستقلة وأخيراً عبر أدوات اقتصادية، أفادت مصر بأنها كثفت الاتصالات مع السعودية وباكستان وتركيا استعداداً للقمة الطارئة وتنسيق الرد على إسرائيل.
وبينما وردت معلومات أن القاهرة تسعى لإحياء مقترح الرئيس عبدالفتاح السيسي لإنشاء «ناتو عربي» عسكري، حذرت أوساط استخباراتية العراق من احتمال لجوء إسرائيل لعمل ضد بغداد مشابه لما حدث بالدوحة.
وفي تفاصيل الخبر:
غداة تنديد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بالهجوم الذي شُنَّ الثلاثاء الماضي على العاصمة القطرية، وأسفر عن مقتل 5 من كوادر «حماس» وعنصر أمن قطري، دون ذكر مباشر لإسرائيل، يعقد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية اجتماعاً تحضيرياً امس في الدوحة، لبلورة مشروع قرار بشأن الاعتداء الإسرائيلي والتضامن مع الدولة الخليجية.
وأفاد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، بأن القمة العربية الإسلامية الطارئة، المقرر انعقادها بالدوحة غداً الاثنين، ستناقش مشروع القرار، مؤكداً أن الاجتماع رفيع المستوى يعكس تضامناً واسعاً مع بلده ورفضاً لـ «إرهاب إسرائيل».
وأكد أن انعقاد القمة في هذا التوقيت له عدة معانٍ ودلالات، ويعكس التضامن العربي والإسلامي الواسع مع قطر، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقار سكنية لعدد من قادة الحركة الفلسطينية.
مساندة وخيارات
وفي ظل توقّعات بمشاركة واسعة من قبل زعماء الدول العربية والإسلامية بالقمة، وفي مقدمتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نقلت «سي إن إن» عن محللين إقليميين قولهم إن دول الخليج أمام 3 خيارات للرد على الضربات الإسرائيلية.
وتمثّلت الخيارات الـ 3 في تحرّك تصعيدي دبلوماسي عبر تخفيض العلاقات مع إسرائيل ودعم قضايا قانونية دولية ضدها، أو عبر مسار عسكري يتضمن تفعيل «درع الجزيرة» وإنشاء قيادة خليجية موحدة لتعزيز الدفاعات المستقلة، وأخيراً عبر الأدوات الاقتصادية واستخدام الصناديق السيادية لفرض قيود تجارية، أو إعادة توجيه الاستثمارات لتعزيز الأمن والضغط المالي على الدولة العبرية.
وفي وقت توالت ردود الفعل الدولية المنددة بالعدوانية الإسرائيلية تجاه الوسيط القطري بمفاوضات غزة، أعربت وزارة الخارجية عن إدانة واستنكار الكويت الشديدين للتصريحات العدائية والتهديدات التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحقّ قطر، أو ما تضمنته من محاولات يائسة لتبرير العدوان الغاشم الذي يمارسه الاحتلال في انتهاك سيادة الدول.
المصادفة نجّت مسؤولاً قطرياً من الهجوم... وتحذيرات عراقية من ضربة مماثلة على بغداد
وذكرت أن الكويت تجدد موقفها الثابت والراسخ في الوقوف إلى جانب قطر في كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها، كما تشدد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي ومجلس الأمن بمسؤولياتهما القانونية والأخلاقية في حفظ السلم والأمن الدوليين، ووقف الانتهاكات والاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال.
وأمس الأول، استدعت الإمارات نائب السفير الإسرائيلي في أبوظبي، لتقديم احتجاج رسمي، فيما نددت السعودية بتصريحات نتنياهو.
وكان مندوب الكويت لدى مجلس الأمن الدولي، طارق البناي، قد أكد نيابة عن أعضاء مجلس التعاون خلال جلسة بالمقر الأممي «التضامن الكامل مع دولة قطر والرفض القاطع لأي انتهاك لسيادتها وأمنها واستقرارها» خلال الجلسة التي أقرت بياناً يندد بهجوم الثلاثاء بتأييد نادر من الولايات المتحدة.
وحذّر من عواقب «التمادي في انتهاك سيادة الدول»، وقال إن الأمن القومي لدول مجلس التعاون خط أحمر، «وأي تكرار لمثل هذه الأفعال سيُواجَه بمواقف جماعية أشد، وإجراءات سياسية وقانونية رادعة ضمن الأطر المتاحة في المنظومة الدولية».
تنسيق و«ناتو»
وفي سياق التحضير للقمة، أعلنت «الخارجية» المصرية عن اتصالات مكثفة أجراها الوزير بدر عبدالعاطي مع مسؤولين بدول عربية وإسلامية لبحث تنسيق الرد على إسرائيل.
وقالت الوزارة إن الاتصالات جرت بين وزير الخارجية عبدالعاطي ونظرائه السعودي فيصل بن فرحان، التركي هاكان فيدان، ونائب رئيس وزراء وزير خارجية باكستان محمد إسحاق دار.
وأكد الوزراء المشاركون أهمية تضامن الدول العربية والإسلامية في هذا المنعطف الحرج، مع ضرورة مواصلة التنسيق المشترك وتعزيز التعاون بما يحقق المصالح الإقليمية ويعزز الأمن والاستقرار.
جاء ذلك في وقت أفادت أوساط إقليمية بأن القاهرة تسعى لإحياء مقترح الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن إنشاء «قوة عربية مشتركة»، الذي طرحه لأول مرة قبل نحو 9 سنوات، خلال قمة الدوحة.
ووفقاً لمصادر مصرية، فإن القاهرة تعلّق آمالها على تلقّي الدعم لتنفيذ المقترح مع إمكانية صياغة تفاهمات حول آلية عمل قوة «الناتو العربي» بما يتناسب مع حجم سكان الدول العربية وقواتها العسكرية، مع الحفاظ على التوازنات الإقليمية.
وفي حين أشارت المعلومات إلى أن مصر ترغب في الاحتفاظ بالقيادة العليا، مع منح القيادة الثانية للسعودية أو إحدى دول الخليج، انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، التحرك المصري، معتبراً أنه يمثّل ضربة موجعة لاتفاقيات السلام.
في موازاة ذلك، دعا أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، الحكومات الإسلامية إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة «ضد الكيان الصهيوني»، محذّراً من «عقد مؤتمر مليء بالخطب من دون نتيجة عملية».
لقاءات أميركية
من جهته، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، خلال اجتماعه مع نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، ووزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الدوحة «ستتخذ جميع الإجراءات لحماية أمنها، والمحافظة على سيادتها تجاه الهجوم الإسرائيلي السافر»، فيما أعرب فانس عن «التضامن» مع قطر، التي وصفها بـ «الحليف الموثوق».
كما بحث بن عبدالرحمن مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في نيويورك، «دور قطر كوسيط في المنطقة والتعاون الدفاعي« بين واشنطن والدوحة التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية حول العالم.
ووفق تقارير «استمر الاجتماع ساعتين وناقش عدة ملفات، وكان إيجابياً جداً»، وحضر اللقاء المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
كارثة وارتداد
وفي وقت لم تتضح كل تفاصيل الهجوم الإسرائيلي، رغم ورود تقديرات عبرية بأنه ارتد عبر موجة غضب دولية ضد سياسة نتنياهو، ذكرت «يديعوت أحرونوت» أن «مسؤولاً قطرياً بارزاً كان على وشك حضور اجتماع قيادة الحركة لمناقشة آخر مقترح لوقف النار بغزة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، قبل أن يتم تأجيل اللقاء لساعة أو ساعتين فقط قبيل الاعتداء، وهو ما حال دون وجوده في موقع القصف».
وأوضحت الصحيفة العبرية، نقلاً عن مسؤول قطري، قوله إن «المسؤول الذي على اتصال دائم بين (حماس) والاحتلال، الذي يُطلق عليه أصدقاؤه وزملاؤه مازحين اسم عبدالله كوهين، وهو على تواصل دائم مع كبار المسؤولين القطريين، خصوصاً رئيس الوزراء محمد بن عبدالرحمن». وتابع، أنه «لو لقي حتفه هناك لكانت الأزمة الحادة التي أعقبت الهجوم أشد بكثير».
وأمس، زعمت «وول ستريت جورنال»، أن الهجوم الإسرائيلي نفّذ بصواريخ بعيدة المدى أطلقت من مقاتلات «إف 15» و«إف 35» كانت تحلّق فوق البحر الأحمر، لمسافة تجاوزت 1800 كيلومتر.
وبينما أكدت تسريبات أن تحذيرات برلمانية نقلت إلى حكومة بغداد مفادها بأن إسرائيل قد تلجأ لعمل مشابه لما قامت به ضد الدوحة في بغداد، تساءلت أوساط عبرية عن احتمال لجوء نتنياهو إلى شنّ ضربة ضد «حماس» في تركيا.