تعديل القسائم الصناعية يحتاج إلى إطار زمني لتوفيق أوضاعها
• وقف تراخيص التجديد سيؤدي إلى عدم دفع إيجارات الرخص قبل انتهائها
أثار قرار إيقاف التنازل عن القسائم الصناعية، الذي صدر الأسبوع الماضي، تساؤلات عدة من أصحاب القسائم عن عدم منح مهلة كافية لتوفيق الأوضاع قبل الإيقاف أو التسلسل في تطبيقه، لاسيما أن هناك مشاريع فعلية قائمة، فما المانع من منع نقلها؟
وجاء القرار دون تحديد وقت زمني كافٍ للإيقاف وسط دعوات من المستثمرين وأصحاب قسائم إلى ضرورة وضع جدول زمني قبل تطبيق القرار إلى جانب أهمية إيضاح آلية تطبيقه وأهدافه، تفادياً لأي تداعيات غير مقصودة على السوق الصناعي أو تعثرات قد تنشأ نتيجة منع النقل أو التنازل إلى جانب دراسة الآثار المترتبة على القرار، فيما يتعلق بالتمويلات.
وبحسب مصادر صناعية مطلعة في حديثها لـ«الجريدة»، فإن القرار، رغم ما يحمله من دلالات على إعادة تنظيم القطاع الصناعي وتعزيز كفاءة استغلال أملاك الدولة ومنع المخالفات الجسيمة، فإنه قد أوجد حالة من الترقب في أوساط المستثمرين، نتيجة عدم صدور إيضاح يحدد المدة الزمنية أو الخطوات التنفيذية المصاحبة له، إذ صدر القرار بـ «حتى إشعار آخر»، خصوصاً أن هناك مشاريع صناعية وقسائم تعمل بالفعل، فما المانع من بيعها أو التنازل عنها لشركات ذات سيولة أعلى وإدارة أكفأ.
إيقاف التنازل عن القسائم الصناعية يثير قلق المستثمرين
وأشارت المصادر إلى أن وقف تجديد الرخص من الجهات ذات الصلة سيساهم في إحداث ربكة في العمليات التنظيمية، خصوصاً فيما يتعلق بدفع الإيجارات، حيث إن العديد من المستأجرين سيبحثون عن الخروج من تلك القسائم وعدم استئجار المحلات فيها، خصوصاً للتي ستنتهي قريباً أو التي انتهت وتبحث عن التجديد، موضحين أن هناك احتمالية تدفعهم إلى عدم دفع الإيجارات لرخص منتهية أو قبل انتهائها، مما سيدخل صاحب القسيمة في دوامة التعثر، بالتالي يضغط على تمويلات القطاع المصرفي.
وبينت مصادر، أن مقدمي الطلبات للجهات مثل وزارة التجارة فوجئوا بأنه تم إيقاف الطلبات لهذه المنطقة، سواء كانت تجديداً أو تغيير العنوان أو إضافة الأنشطة أو حتى إصدار جديد، كما يشمل كل الأنشطة لدى الجهات ذات الصلة، إضافة إلى وقف كل إجراءات التنازل على التراخيص الصناعية وعقود القسائم الصناعية التابعة لها ووقف إجراءات التنازل عن جميع عقود القسائم الخدمية والحرفية والتجارية وعدم القيام بأي إجراء من إجراءات التحويل على كل أنواع التراخيص والعقود في كل المناطق التي تشرف عليها الهيئة العامة للصناعة، وحتى إشعار آخر.
التنظيم لا الإيقاف
ورغم تأكيد المصادر ذاتها أن القسائم الصناعية تعتبر من أملاك الدولة العامة، وللجهات المختصة كامل الصلاحية في تنظيم طرق استغلالها، وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها، فإنهم يأملون أن يكون هناك تدرج في التطبيق، ووضع ضوابط خاصة بنقل الملكية أو حق الانتفاع للتراخيص التجارية والصناعية.
تساؤلات بسبب منع نقل ملكية المصانع الفعلية بمشاريع قائمة
ونبهوا إلى ضرورة أن يكون هناك تنظيم، لا إيقاف، مع مراعاة ألا يكون لهذا القرار أي تأثير مباشر على المصانع المتعثرة، التي أخذت تمويلات من البنوك أو المشاريع القائمة، التي قد تكون بحاجة إلى تسهيلات، خصوصاً أن الإيقاف قد يؤثر على أدائها في حال رغبت التخارج من المشروع.
تعثر أصحاب القسائم ... وتجميد الأصول
وضربوا مثالاً على ذلك أنه في حال تعثر صاحب القسيمة عن تشغيل مشروعه الصناعي أو عدم قدرته على الاستمرار، فإن منعه من التنازل عنها لأي جهة أخرى متينة مادياً ولديها الرغبة في الاستحواذ على المشروع فإنه سيدخل القسيمة في حالة جمود فعلي، ما ينعكس سلباً على تعطيل طاقة إنتاجية كان من الممكن أن تُستثمر من قبل طرف آخر قادر على التشغيل والتطوير في القطاع الصناعي ويطورها.
ومن الآثار السلبية للقرار هو منع دخول مستثمرين جدد للسوق الصناعي لاسيما أن التنازل عن القسائم يعتبر وسيلة فعّالة لدخول مستثمرين جدد إلى السوق الصناعي دون الحاجة إلى انتظار دور طويل في قوائم التخصيص، ومع وقف التنازل حتى إشعار آخر، يتقلص عدد المشاريع الصناعية الداخلة إلى السوق، ويضيع على القطاع الصناعي فرص نمو كانت ستُترجم إلى وظائف وتوسع إنتاجي وتنمية اقتصادية.
ودعت المصادر إلى مراجعة المدة الزمنية للقرار وعدم جعله حتى إشعار آخر، مؤكدين أن المعالجة يجب أن تكون عبر تنظيم التنازل لا إيقافه حتى إشعار آخر، بما يضمن منع المضاربة وفي ذات الوقت يحفظ حق المستثمر والبنوك، ويدعم تدفق الاستثمارات الجديدة إلى القطاع الصناعي، مع تنظيم المخالفات في المناطق الصناعية ومنها بحث سبب تحويل بعض المناطق من حرفية إلى مناطق مشاريع خاصة بالمطاعم والمقاهي وغيرها من الأسواق الاستهلاكية والخروج عن الهدف الذي أنشئت من أجله.
وطالبوا بأن يرافق هذا القرار خطة واضحة المعالم خصوصاً وسط في ضوء التوجهات الرامية إلى تنشيط القطاع الصناعي وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.
ضرورة دراسة الآثار المترتبة على الإيقاف وربكة التمويلات
كما أكدت أن البنوك التجارية تحتاج إلى وضوح القرارات، خصوصاً أن القرار صدر حتى إشعار آخر، لاسيما مع وجود الضمانات التمويلية، وهو ما ولد مخاوف من أن تتأثر مؤقتاً نتيجة عدم وضوح الإطار الزمني للقرار وآلياته والأسباب بشكل مفصل.
وتخوفت من أن تكون للقرار انعكاسات على مستويات السيولة، خصوصاً بالنسبة لبعض أصحاب القسائم الصناعية المتعثرة، التي كان من المفترض أن تبحث عن مستثمرين جدد، وعلى من كانوا يبحثون عن حلول لإعادة تحويل استثماراتهم أو تسوية التزاماتهم خاصة المتعثرين منهم.
تعزيز الشفافية
وأشارت المصادر إلى أن البيئة الاقتصادية في القطاع الصناعي تتطلب شفافية أعلى في إعلان القرارات التنظيمية خصوصاً تلك التي تمس حركة التراخيص والتنازلات، لما لها من تأثير مباشر على القرارات التمويلية في البنوك والاستثمارية من الشركات الفعلية الكبرى.
وأشاروا إلى أن القرارات ذات الأثر المباشر على النشاط الاقتصادي تستدعي أن الأهداف المرجوة، والمكاسب المتوقعة، والجدول الزمني للتنفيذ، بما يسمح للمتعثرين منهم أن يقوموا بتوفيق أوضاعهم خصوصاً أن المهلة يجب أن تكون لمدة عام على الأقل، وليس أن يكون بشكل مفاجئ.