بالقلم الأحمر: بين المجرم والإرهابي... والنازحة

نشر في 14-09-2025
آخر تحديث 13-09-2025 | 17:15
 الجازي طارق السنافي

المُجرم اصطلاحاً: هو كل مَنْ ارتكب فعلاً يعتبر جريمة بموجب القانون، فيما الإرهابي هو أي شخصٍ يُحدث اضطراباً سياسياً أو اجتماعياً واسع النطاق في المجتمع لغرضٍ سياسي، أو كفرد تابع لجريمة منظمة. لكن يبدو أن المصطلحين أصبحا مؤدلجين، وفقاً لجنس أو عرق مُرتكب الفعل أو الجريمة عند الغرب فقط.

أصبح الإعلام الغربي لا يتردَّد في لصق كلمة إرهابي إذا كان الفاعل مسلماً أو عربياً، فيما يُخفف المصطلح إذا كان غير عربي، ليُصبح مجرَّد مجرم، أو ربما «مريض نفسي»، أو «مضطرب عقلي».

في حادثةٍ بشعة وقعت بولاية نورث كارولاينا الأميركية في سبتمبر 2025، لقيت النازحة الأوكرانية إيرينا مصرعها بوحشية على يد رجلٍ إفريقي من أرباب السوابق، في المترو، بعد دقائق من جلوسها، حيث أخرج سكيناً، وقام بطعنها بدمٍ بارد!

ومع كل هذه الوحشية، فإن توصيف الإعلام الغربي كان محصوراً في خانة «جريمة قتل» من قِبل مريض نفسي! من دون أن نقرأ كلمة «إرهاب، أو إرهابي» على الإطلاق.

بينما لو كان القاتل اسمه محمد أو عبدالله أو ذا خلفية شرق أوسطية، لتصدَّرت كلمة إرهابي كل العناوين بلا نقاش، ولتم ربطها مباشرةً، وهذا ليس مبرراً للعنف، لكن لتعرية الإعلام الغربي تجاه الشرق!

غالباً يُنظر إلى المجرم المسيحي/غير العربي المسلم باعتباره ضحية ظروف، أو فرداً منحرفاً في المجتمع. بينما لو ارتكب نفس الفعل شخص مسلم لأصبح الوصف «إرهابياً»، لكن أين تكمن المشكلة؟

المشكلة ليست في التعريفات، بقدر ما هي في انتقائية تطبيقها. فالقاتلان اللذان يرتكبان ذات الفعل في الشارع بدافعٍ عنصري، أو بدافع بث الرعب في مجتمعهما، الأول مسيحي، والآخر مسلم، سيكون الوصف مختلفاً تماماً في إعلامهم الموجَّه.

المصطلحات المنتقاة إعلامياً هي جزء من آلة إعلامية ترسم صورة ذهنية عالمية، كما الأفلام والسينما. المجرم مجرم، والإرهابي إرهابي، لكن العدالة الحقيقية تقتضي أن يكون المعيار ذاته على الجميع. فالجريمة جريمة مهما كان لون القاتل أو دينه أو جنسيته.

لو استخدمنا ذات المصطلحات في إعلامنا العربي، لوقع في نفس فخ العنصرية والتعميم. الأجدى أن نُعيد تشكيل خطابٍ إعلامي مهني يُظهر الحقيقة بلا تزييف كخطابٍ بديل، لا كرد فعلٍ يكشف التناقض الغربي في وصف المجرم والإرهابي.

بالقلم الأحمر:

النازحة الأوكرانية هربت من الحرب، خوفاً من الموت، ولقيت حتفها على يد «مريض نفسي» أُطلق سراحة 14 مرة بجرائم قتل في الغرب!

back to top