بدون مجاملة:الحُب المشروط والأدب المغلوط

نشر في 12-09-2025
آخر تحديث 11-09-2025 | 17:56
 سارة صالح الراشد

«المشاعر»، هذا الموضوع الذي لا ينتهي! لكنني لن أصنفها بالمشاعر الإنسانية، لأن حتى الحيوانات تختبر الشعور، ولديها انفعالات.

المشاعر كلها لدينا - نحن كبشر، أو عند المخلوقات الأخرى - لها مظاهر ونتائج. المشاعر الأساسية عادة يُقصد بها السعادة، الحزن، الغضب، الخوف، وهناك مَنْ يزيد عليها، لكنها بسيطة وفطرية، ولا مجال لإنكارها أو منعها.

نواجه كثيراً أخطاء حول المشاعر والتعبير عنها والتعامل معها. فالحُب، على سبيل المثال، شعور نقي وعميق، لكن يُخطئ بعض الأهالي والأصدقاء والشركاء عندما يجعلونه مُرتبطاً بشروط وأحكام، بأوامر وتنفيذ وتقييد وانضباط. أب يطلب من ابنه ممارسة رياضة لا يُريدها الابن، ويرى أن طاعته حق بحجة البِر! وجدة تطلب من حفيدها أن يتصرَّف بطريقةٍ معينة حتى ترضى عنه!

الحُب المشروط ليس اهتماماً أو حرصاً، بل هو سد لفراغ أو تعويض عند الطرف القوي، فيه غِلظة بممارسة السُّلطة، واستغلال للحاجة والارتباط عند الطرف المقابل.

الحُب الصادق يُبنى على احترام كينونة الآخر، فتجد أسلوب الحوار الواعي والتوجيه اللطيف. أما «أنا أحبك إذا فعلت كذا»، فهذا ابتزاز عاطفي، يُنشئ فرداً مهزوزاً على طرفين، إما يبحث عن القبول طوال الوقت، أو غير مبالٍ إطلاقاً.

«الحُب المشروط» فيه نزعة تملُّك شديدة، ورغبة بالسيطرة، وليس حقوقاً طبيعية متبادلة، كحق الاحترام والتقدير، والمسؤولية والأمانة، والصدق والوفاء.

وفي ظل الاحترام والسلوك الحسن والتهذيب نجد التكلف في المعاملات والتواصل تحت مسمَّى أداء الواجب، والتقدير، وإجابة الدعوة. فالأدب يتم بالشكر، والدعاء بالتوفيق ومحبَّة الخير، بالتواضع واللباقة، بالبشاشة وطيب النفس. وليس حصراً على أن أحمِّل نفسي فوق طاقتها بحضور دعوة وقت انشغالي أو تعبي، أو حتى عدم رغبتي، وليس بالتنافس بالإهداء، وليس بالتعذر والتبرير وطلب الموافقة والاقتناع بظرفي أو موقفي... هذا فهم خاطئ للأدب.

الأدب لا يعني أن تلغي ذاتك، وليس في تقدير ذاتك وقاحة، لكن هي موازنة، فبعض الدعوات قد تأتي في توقيت سيئ، وبعض المناسبات قد تتضمَّن ما يُخالف قناعاتي. لا أفرض عليك تغيير الموعد أو الطريقة، وأنت كذلك لا تفرض عليّ الحضور أو المشاركة، ثم تعاتب وتجعلني في موضع المقصِّرة... هذا رد فعلٍ سخيف غير ناضج.

«العلاقات مسؤولية»، تلك مقولة حاضرة في ذهني دائماً، وأؤمن بها كُليةً، لكنها مسؤولية على جميع الأطراف الذين يدخلون فيها. لست صاحب حقٍ مطلق وحيد لا نهائي، فللآخرين حقوق وحاجات وتطلعات.

المودة والأدب لهما أساليب، فلا تحصرهما في أسلوبٍ يحقق غايتك وحدك.

back to top