وقف سرقة القمامة وإلغاء عمال النظافة

نشر في 07-09-2025
آخر تحديث 06-09-2025 | 20:08
 بدر خالد البحر

كتبنا خلال ثلاثة وعشرين عاماً مقالات عن مساوئ عقود ومعالجة النفايات، فعامل النظافة هو أول من تراه مع نسمات الصباح لحظة خروجك من المنزل، وكأنه شاري المكان المتواجد فيه يومياً حاملاً موبايله، ليبدو بائساً فيصيب شغاف القلب لدى البعض لتجود عليه أنفسهم!

ورغم الكم من العمال وسيارات النظافة فهناك أماكن بمناطق من القذارة يخيل لك معها أنك لست بالكويت! والمضحك وجود بعض شركات نظافة تجلب عمالة أكثر من حاجة العقود لتؤجرهم لشركات حراسة، فتجد هالبنغالي حارس الأمن يرتعد منك خوفاً عند دخولك المبنى بدل العكس! الكويت تخسر المساحات بسبب ردم قد يتجاوز سبعة آلاف طن يومياً، نستطيع تسميته جائراً وعشوائياً، حيث تدفن النفايات بطرق بدائية تسبب مخاطر بيئية وانبعاثات سامة تهدد صحة المواطن وتلوث التربة والمياه الجوفية، سماها البعض قنابل موقوتة!

تشير إحصائية وآخر تصريحات لمختصين أن لدينا ثمانية عشر مردماً للنفايات يعمل منها أربعة والبقية مغلقة، ويصل بعض حفرها إلى ارتفاع خمسين متراً، والكويت الثالثة خليجياً في إنتاج الفرد لمعدل 2.3 كيلو يومياً، ونمتلك أكبر مردم للإطارات بالعالم يتجاوز 44 مليون إطار! لقد شاهدنا مرة مردماً يحوي كل الأنواع، سكانية وخرسانية وحيوانات نافقة وإطارات، بحفرة كبيرة ومخيفة تشكل خطراً محدقاً بالبيئة والمواطن! فهناك تصريح لـ «نزاهة» يكشف وجود تلاعب بعقود نظافة حكومية، وتقارير أخرى تشير إلى خسائر المال العام لسوء أعمال شركات نظافة وسوء متابعتها من البلدية وعدم تطبيق اللوائح والجزاءات. لقد فشل تنفيذ مشروع منذ أربع سنوات لمعالجة النفايات الصلبة وتحويلها لطاقة، ذلك الذي طرح 2017 كأحد مشاريع شراكة القطاعين العام والخاص، وخُصص له موقع في كبد إلا أن المستثمر الفرنسي انسحب لعدة أسباب منها تعطيل استمر أربع سنوات! مشروع مصنع آخر للتدوير والتحويل لوقود جاف أوكل تنفيذه لشركة أسمنت الكويت، وقد تابعناه على مدى ستة أعوام منذ إعلان فكرته والتنسيق لها وحتى إقراره ثم توقيع البلدية عقد إنشائه مارس من العام الماضي، واليوم وبعد مرور سنة ونصف السنة لم نجد خبر إنشاء المصنع وتشغيله! وعلى أية حال، فمجلس الوزراء يبدو جاداً في معالجة النفايات، وأوعز للبلدية في يناير الماضي لإنشاء مصانع كبرى لتدوير النفايات الإنشائية الصلبة والسائلة بالتعاون مع القطاع الخاص والأجنبي. فهل تضبط هالمرة؟!

والآن نضع بين أيديكم وأيدي مجلس الوزراء الصدمة من واقع تجربة كتبنا عنها ومضى عليها ستة وثلاثون عاماً حين كنا ضمن فريق شركة استثمار ومستشار كندي تعاقدت معهم الحكومة لإعداد دراسة لمعالجة أنقاض المباني كنفايات صلبة، ولأننا المهندس الوحيد أسند إلينا متابعة فرق الفرز وحصر مكونات الأنقاض لنخرج بأرقام وبيانات تكون أساس إعداد جدوى الدراسة وخطة إنشاء مصانع المعالجة بالكويت، واطلعنا حينها على دراسة أعدت قبلها لمعالجة النفايات السكانية، لننتهي لنتيجة أنه لا يمكن إنشاء مشاريع اقتصادية لمعالجة النفايات دون حمايتها من السرقة حتى لا تخسر مكوناتها لتكون المصانع مربحة عند تدويرها، ولكن الصدمة أن عمال النظافة يومياً بشاحنات جمع النفايات يجردون القمامة من أهم مكوناتها ليبيعوها كمواد أولية للمستفيدين، وبعضهم بحماقته يفرغ شاحنات القمامة كعصابات ليلاً بالمناطق لفرزها وسرقة مكوناتها. أما الأدهى فما يقوم به مقاولو هدم المباني من استخراج أسياخ الحديد من الخرسانة لبيعها، وهما مخالفتان يجب تجريمهما! ولذلك نقول للحكومة، ولوزير البلدية: عليكم حماية النفايات من السرقة إن كنتم جادين بإنشاء مشاريع لمعالجتها، وعليكم استخدام آليات حديثة ووقف العمالة الراجلة بعقود شركات النظافة.

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي

back to top