رياح وأوتاد: ظاهرة نشر مقاطع دينية مبتورة

نشر في 07-09-2025
آخر تحديث 06-09-2025 | 20:07
 أحمد يعقوب باقر

تصل إليّ أحياناً مقاطع فيديو لعلماء شرعيين أو مشايخ معروفين تحمل أحاديث دينية أو آراء أو فتاوى غريبة تناقض صريح الكتاب والسُّنّة.

فمثلاً أحد هذه المقاطع يُنقَل فيه عن شيخ بشأن حكم الذهاب إلى الشاطئ والنظر إلى النساء أنه قال: «اذهب وانظر وبَحلِق»، ونُقل عن آخر أنه يجوز مشاهدة الرقص الشرقي إذا كان بلا شهوة.

والصحيح أن هذه المقاطع مزوّرة أو ملعوب فيها، وأحياناً يأتي المتحدث بهذه الأقوال لكي يردّ عليها، ولكن تمّ بتر الرد، لأن هذه المقاطع لمشايخ معروفين بالعلم وحُسْن السمت، لكنها مبتورة، أي معروضة بأسلوب «ولا تقربوا الصلاة»، من دون إكمال الفتوى أو الحديث الذي يشرح الحكم الشرعي بالكامل، وما هو حُكم النظر إلى المحارم؟

لذلك، فمن الضروري أن تُنشَر الفتوى الشرعية وتُفهَم كاملة مع السؤال كاملاً أيضاً، وعلى ضوء السؤال نفسه وزمنه، ولا يجوز العبث بها، أو حمل الفتوى على غيرها من الأسئلة التي تمّت في ظرف وزمن آخرَين.

وبهذا يتبيّن أن تحريف الآراء وتشويه الأشخاص لم يقفا عند تشويه السياسيين وتحريف آرائهم في وسائل التواصل، وإنما وصل الأمر إلى تحريف كلام مشايخ الدين، بل ووصل إلى تحريف الأحكام الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة.

والمؤسف أن هذه المقاطع مُحرّفة بشكل مُتقَن، إما باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يأتي بالمشهد مطابقاً لصورة الشخص وصوته، أو باستخدم القص واللصق، بحيث يُفهم سؤال السائل على أنه هو رأي الشيخ أو العالِم.

ومن المؤسف أيضاً أن يستغل بعض مَنْ لا أخلاق لهم الوسائل التكنولوجية الحديثة للخوض واللعب في آيات الله وأحكامه، فقد قال تعالى: «وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ».

وأعتقد أن صانع هذه المقاطع لا يعبّر فقط عن كراهيته للإسلاميين أو للمشايخ والعلماء، بل للإسلام نفسه ولأحكامه، حتى وإن كان يقصد الضحك والفكاهة، لأن الضحك والفكاهة لا يكونان في أحكام الدين المعلومة، كما قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ».

وكما ذكرتُ في مقالات سابقة عن السياسيين، يجب معرفة رأي المفتي والعالِم كاملاً في الموضوع من المصادر الموثوقة، وعدم تصديق أو نشر هذه المواقع التي تبتر الأقوال من أجل مقاصد معروفة وغير شريفة.

back to top