إبداع بصري ودمى نابضة بالحياة في «كله من الزيبق»
• عرض قدمه المسرح اللبناني ضمن فعاليات المهرجان العربي للطفل
في فضاء مسرحي زاخر بالمتعة البصرية، قدم مسرح الدمى اللبناني مسرحية بعنوان «كله من الزيبق» على خشبة مسرح متحف الكويت الوطني، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من المهرجان العربي لمسرح الطفل.
جاء العرض استثنائياً في طرحه الفني، إذ جمع بين التمثيل البشري، وتحريك الدمى ليخلق تجربة جمالية وبصرية لامست وجدان الصغار والكبار على حد سواء، ليكتمل بذلك العمل برؤية جماعية متكاملة منحت العرض زخماً فنياً متنوعاً، وذلك بمشاركة الفنانين أدون خوري، ويكاتيرينا دكروب، وطوني فرح، وشربل بحري. والعمل من تأليف فايق حميصي وإخراج د. كريم دكروب. وموسيقى أحمد قعبور، وصمم السينوغرافيا وليد دكروب إلى جانب ابتكاره الدمى، في حين أشرفت فدى حطيط على تصميم الأزياء.
قدم د. دكروب أعمالاً مسرحية عالجت قضايا اجتماعية مهمة معتمداً على الدمى كأداة للتواصل الفعال مع الأطفال والكبار. وفي مسرحيته «كله من الزيبق» يقدم شخصية الزيبق ذلك الولد الذي يتمتع بـ «الشقاوة»، والذي لا تتسع له الأمكنة، ولا تتوافر له ظروف اللعب المناسبة، بينما يشتكي الجميع من «شقاوته» ويضعون اللوم عليه إذا وقع أي حادث.
يتحول «الزيبق» بفضل قدراته إلى منقذ للجميع من «أم عيون» التي تمحو ذاكرة كل من يعترضها، لكن هل يكفي ذلك لمحو الوصمة التي ألصقت به؟
يؤكد المخرج د. دكروب، خلال تقديم العرض المسرحي، أن الدمى ليست مجرد أدوات ترفيهية موجهة للأطفال، بل وسيلة فنية ونقدية قادرة على تفكيك تعقيدات الواقع وإعادة صياغته بلغة مسرحية بليغة، حيث انطلقت المسرحية من فكرة محورية تجمع بين البساطة والعمق، تمثلت في الصراع الأزلي بين الخير والشر، حيث جرى تجسيدها عبر رؤية جمالية اعتمدت على التداخل الخلاق بين التمثيل البشري وتحريك العرائس. هذا الدمج أتاح للممثلين التوحد مع الشخصيات والالتصاق بها، مما أضفى على السرد مرونة لافتة وبعداً بصرياً جذاباً شدّ انتباه الجمهور ومنح العرض تميزاً فنياً.
وجاء الديكور ديناميكياً إلى حد كبير فرأينا الخيمة تتحرك وتتشكل وتختفي وتخرج منها الشخصيات وتتحرك العناصر وتتشكل بسرعة وكأنها صورة بصرية للزئبق نفسه الذي ظهر في عدة شخصيات، بينما لعبت الإضاءة والإسقاطات الضوئية دوراً محورياً في إبراز هذا الإحساس بالخطر الذي يحيط بالمدينة ويهددها، وجاءت الموسيقى لتضيف طبقة أخرى من المعاني وتعمقها إيقاعات لبنانية معاصرة ممزوجة بأصوات معدنية وسائلة تحاكي طبيعة الزئبق فخلقت جواً صوتياً متماهياً مع الفكرة البصرية.
احتضن مسرح الدسمة، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من المهرجان العربي لمسرح الطفل، ورشة عمل للكبار بعنوان «تصنيع وتحريك دمى خيال الظل»، وقدمت الورشة فرقة «ومضة» لعروض «الأراجوز» و«خيال الظل». وجاءت الأجواء غنية بالإبداع والتجريب، حيث تفاعل المشاركون مع تقنيات صناعة وتحريك الدمى، مستلهمين خبرة الفرقة التي تسعى للحفاظ على أصالة هذا اللون الفني.
وبهذه المناسبة، أكد مشرف فرقة «ومضة» علي أبوزيد أن الورشة قدمت برنامجاً متكاملاً، انطلق من التعريف بالمواد الأولية المستخدمة في صناعة الدمى، مروراً بمراحل التصميم والتقطيع والتصنيع والتلوين، وصولاً إلى تدريب المشاركين على فنون تحريك العرائس وصياغة مشهد مسرحي متكامل. وأوضح أن الهدف من الورشة هو إتاحة الفرصة للمشاركين للتعرف على جميع تفاصيل فن خيال الظل منذ لحظة الفكرة وحتى اكتمال العرض، مبيناً أن نخبة من فناني الفرقة شاركوا في الورشة التدريبية وهم: مصطفى الصباغ، ومحمود حنفي، وصلاح بهجت، وصبري شيكو.
وأشار إلى أن تفاعل المشاركين مع خبرات الفنانين المشاركين أسهم في تحويل الورشة إلى فضاء إبداعي نابض، أشبه بمختبر فني مفتوح يفيض بالحيوية والتجريب.
من جانب آخر، تحدث أبوزيد عن نشأة فرقة «ومضة»، موضحاً أنها أُسست عام 2000 على يد أستاذ قسم المسرح في جامعة حلوان د. نبيل بهجت.
وأضاف أن هذه المشاركة تعد الثانية للفرقة في مهرجان العربي لمسرح الطفل في دورته الثامنة، معرباً عن اعتزازه وسعادته الكبيرة بالوجود في هذه التظاهرة الفنية التي تجمع عشاق المسرح من مختلف أنحاء الوطن العربي.