من نحن ومن هو الذكاء الاصطناعي؟!

نشر في 05-09-2025
آخر تحديث 04-09-2025 | 17:09
في النهاية يظل الإنسان المثقف هو الأساس، ويبقى الذكاء الاصطناعي مُسخَّراً لخدمته.
 بشار محمد خالد خليفوه

فُتِنَ الناس بتقنية الذكاء الاصطناعي، لاسيما في مسألة البحث العلمي، إضافة إلى حل المشكلات التي تواجه الإنسان، فضلاً عن ممارسة بعض التفاهات ممن لا هدف لهم، مما جعل الكثير من الباحثين والأكاديميين في حالة إحباط، حيث لا فائدة من بذل الجهود، سواء كانت تعليمية أو تطويرية، مادام هناك آلة مبرمجة صنعها الإنسان تستطيع أن تُملي الجواب، وتعد لك كتاباً كاملاً في غضون دقائق. لذلك أصبح البحث غير مجدٍّ، وهذا غير صحيح. فنحن منذ سنوات نعتقد أن البحث الجيد قائم على كثرة المعلومات. علاوة على ذلك، فإن مقياسنا لقوة المثقف هو مَنْ يملك المعلومات المتنوعة، وهذا بحد ذاته مفهوم خاطئ، وقد كُنا منذ عدة سنوات ننبهر بالإنسان الذي يملك المعلومات ويتحدَّث اللغات. لذلك نقول إن ما وصلنا إليه يُثير تساؤلاً يجب على الناس التأمل والجواب. فما هو الأهم، هل كثرة المعلومات وصحتها؟ أم قوة الفكر الناتج عنه قوة التساؤل؟

من المؤكد أن قوة التساؤل هي الأهم، وهذا ما يعجز عنه ولن يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به، لكونه آلة لا تحس ولا تشعر. أما الإنسان، فقوة تساؤلاته هي التي ترفع المستوى الحضاري. فلا فائدة من جوابٍ تفصيلي لتساؤل غير مهم.

إن التساؤل عبارة عن فلسفة وشعور لقلب نابض نحو آلام البشر، وهو مفتاح العلوم والتطور. لذلك فإن المثقف الصحيح هو الذي يعرف حجم المشكلة، فيتساءل، ثم يبحث عن جوابه الموجود في عدة وسائل، منها الذكاء الاصطناعي. فالإنسان ليجاوب يتلمَّس بفكره ونظره وقلبه ألم المشكلة، قبل أن يجيب عنها. أما الذي يُنادي بأن الذكاء الاصطناعي قد أركن العقل البشري، وتغلب عليه، نقول له على رِسْلك، فإن هذا النظام لن يشعر بنا كما يشعر الإنسان بمحيطه.

في النهاية يظل الإنسان المثقف هو الأساس، ويبقى الذكاء الاصطناعي مُسخَّراً لخدمته، ولن يستطيع يوماً ما أن يتساءل، وذلك أصل المسألة، فهو بلا روح. أما المستقبل العلمي والثقافي للإنسان القادم، فسوف يكون قائماً على قوة التساؤل، ومدار الفلسفة حوله. أما الجواب، فلن تكون له أي قيمة مقارنة مع التساؤل، بل ربما تتطوَّر أنظمة الجواب نحو تقنيات أعلى، وفق تطور الإنسان بفكره وقوة تساؤله.

back to top