زبدة الهرج: الصين مدرسة نموذجية

نشر في 05-09-2025
آخر تحديث 04-09-2025 | 16:54
 حمد الهزاع

سبق أن نشرتُ مقالاً عن رحلتي إلى الصين وما شاهدته من تطور مذهل على جميع الصعد، وقد سبقني صحافيون وكُتاب كُثر إلى الكتابة عن الصين القديمة والحديثة، وكلٌّ له طريقته وأسلوبه في سرد الأحداث وتجسيدها بصورة تتناسب مع تاريخ الصين العظيم وحضارتها وثقافتها العريقة التي مازالت حاضرة بقوة إلى يومنا هذا.

وأنا هنا لا أريد أن أكرر ما كتبوه، ولكنني أود أن أتطرق إلى موضوع مهم جداً والكل يعلم أن مساحة الصين كبيرة جداً، وأنها تحتل المركز الأول في العالم بعدد السكان، ولديها جيش جرار وقوة عسكرية واقتصادية فتاكة، وأن التطور المتسارع الذي تسير عليه هو أحدث ما توصل إليه العقل البشري إلى درجة أن الواحد منا يحدّث نفسه هل المخترعون في الصين هم من الإنس أم من الجن أم من كواكب أخرى؟ حتى أن الابتسامة على وجوه أغلبية الشعب الصيني كأنها طُبعت على محياهم منذ الولادة، ومع ذلك لم نسمع أو نشاهد أن الصين تدخلت في شؤون الدول الأخرى أو حاولت فرض هيمنتها وقراراتها عليهم أو إجبارهم على الالتزام بما تمليه عليهم، حتى وإن كانت مصالح الصين الجيوسياسية تتطلب ذلك، فقد نأت بنفسها عن الخوض في الصراعات الدولية، والتفتت إلى تطوير نفسها وتنمية مصالحها الاقتصادية، وناضلت من أجل تحقيق السلام والاستقرار العالمي، وعملت على نشر التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت جزءاً أساسياً في تنمية المجتمع الدولي.

وفي المقابل نرى دولاً «تتنطط» هنا وهناك وتحاول أن تسيطر على قرارات دول أخرى عبر نفوذها لإشعال الفتن والسعي إلى تحقيق أهدافها الصغيرة التي تجلب الخراب والدمار وتزعزع الأمن والاستقرار في العالم، وتنشر الفساد السياسي الذي تعتبر تكلفته باهظة على المجتمعات وآفة تهلك الدول، فلذلك تعتبر قصة كفاح الصين مثالاً يُحتذى، وكيف سعت خلال السنوات الماضية إلى الاهتمام بتطوير الإنسان الصيني للوصول إلى ما وصلت إليه من نهضة عظيمة، رغم أنها تواجه حرباً خفية من دول تتخوف من نهضتها.

ثم أما بعد،

منذ الأزل والصين تعيش بتسامح وانفتاح على الآخرين وتعمل على نشر السلام، وخير شاهد طريق الحرير الذي من خلاله سيّرت القوافل التجارية ونقلت الحضارة الصينية إلى الغرب، والمثل الصيني القديم يقول «إذا كنت فقيراً فاعتنِ بنفسك، وإذا كنت غنياً فاعتنِ بنا جميعاً».

back to top