ذروة جديدة للذهب بدعم الرهان على خفض الفائدة
• البنوك المركزية تفضله على السندات الأميركية... لأول مرة منذ 3 عقود
لامس الذهب ذروة جديدة اليوم، ليعزز مكاسبه فوق مستوى 3500 دولار، وسط تزايد التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة هذا الشهر، واستمرار المخاطر السياسية والاقتصادية.
وصعد الذهب بالمعاملات الفورية 0.1 في المئة إلى 3537.29 دولاراً للأوقية (الأونصة)، بعدما لامست أعلى مستوى على الإطلاق عند 3546.99 دولاراً في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر 0.4 في المئة إلى 3604.90 دولارات.
وتزايدت الضبابية في السوق والتوتر التجاري المحتمل، بعد قول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنها ستطلب من المحكمة العليا إصدار حُكم عاجل بشأن الرسوم الجمركية، التي قضت محكمة استئناف أميركية بعدم قانونيتها الأسبوع الماضي.
وقال المحلل المستقل روس نورمان: «ستمثل قضايا الرسوم الجمركية والعقبات التي وضعتها المحكمة العليا اختباراً حاسماً لترامب. وبغضّ النظر عن النتيجة، يوفر الذهب للمستثمرين متنفساً مريحاً من اضطرابات السوق».
وأضاف: «تخفيضات أسعار الفائدة بدأت تبدو أمراً مفروغاً منه، لكن التساؤلات تُثار الآن حول ما إذا كانت هناك تخفيضات أخرى. من شأن خفض أسعار الفائدة تحفيز النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، إضافة إلى إضعاف الدولار أكثر، مما يوفر دعماً قوياً للذهب».
ويمارس ترامب ضغوطاً كبيرة على مجلس الاحتياطي الاتحادي لخفض أسعار الفائدة، وناقش علناً إقالة رئيس المجلس جيروم باول.
وفي تصعيد حاد، حاول ترامب الشهر الماضي إقالة عضوة المجلس ليسا كوك، مما شكَّل اختباراً قانونياً حاسماً لقدرة المجلس على العمل من دون تدخل سياسي.
وأثرت توقعات خفض أسعار الفائدة والمخاوف بشأن استقلال المجلس على الدولار الذي انخفض بأكثر من 9 بالمئة منذ بداية العام، مما يجعل الذهب أقل تكلفة للمشترين في الخارج.
ويتوقع المتعاملون حالياً بنسبة 92 في المئة أن خفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس في 17 الجاري، وفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة سي. إم. إي.
ويتطلع المستثمرون الآن إلى بيانات الوظائف في القطاعات غير الزراعية بالولايات المتحدة، والتي من المقرر صدورها غدا الجمعة، لتحديد حجم الخفض المتوقع لأسعار الفائدة.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة بالمعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 40.83 دولاراً للأوقية (الأونصة)، وهبط البلاتين 0.8 في المئة إلى 1391.80 دولاراً، ونزل البلاديوم 0.4 في المئة إلى 1138.78 دولاراً.
وتأتي الأرقام القياسية الجديدة للذهب في الوقت الذي تجاوزت حيازات البنوك المركزية عالمياً من المعدن النفيس حيازات سندات الخزانة الأميركية لأول مرة منذ عام 1996، وفقاً لبيانات «بلومبرغ» التي جمعها الخبير الاستراتيجي في شركة كريسكات كابيتال، تافي كوستا.
وكتب كوستا في منشور على منصة X: «من المرجح أن تكون هذه بداية واحدة من أهم عمليات إعادة التوازن العالمية التي شهدناها في التاريخ الحديث».
وأظهر استطلاع رأي للبنوك المركزية أجراه مجلس الذهب العالمي، أن الغالبية العظمى من المشاركين يعتقدون أن احتياطيات الذهب العالمية للبنوك المركزية ستزداد خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وقال الخبير الاستراتيجي في أبحاث «بيبرستون»، أحمد عسيري، إن المخاوف بشأن عودة التضخم والاقتناع المتزايد بأن الاحتياطي الفدرالي سيستأنف قريباً دورة التيسير النقدي قد ساهمت في رفع أسعار الذهب.
وأضاف: «بهذا المعنى، أصبح الذهب مقياساً لقلق السوق وعدم اليقين بشأن التضخم والسياسة النقدية والتوظيف».
بينما أشار جيه سي باريتس، مؤسس موقع «allstarscharts.com»، إلى أنه منذ عام 1968، لم يُغلق سعر الذهب عند مستوى أعلى لثمانية أشهر متتالية، حتى الآن.
وكتب يوم الاثنين: «هذه السلسلة غير مسبوقة، وهي لا تحدث من فراغ، بل نتيجة طلب عالمي استثنائي. من زيادة البنوك المركزية لاحتياطياتها، إلى تحوُّط المستثمرين ضد التضخم وانخفاض قيمة العملات، فإن الإقبال على الذهب لم نشهده من قبل».
ولا تتوقع «وول ستريت» أن يتوقف هذا التذبذب الصاعد عند هذا الحد.
يوم الثلاثاء، كرَّر بنك يو بي إس توقعاته بوصول سعر الأونصة إلى 3700 دولار بحلول يونيو 2026، مشيراً إلى أنه لا يمكن استبعاد ارتفاعه إلى 4000 دولار «في ظل سيناريو محفوف بالمخاطر تتدهور فيه الظروف الجيوسياسية أو الاقتصادية».