«أُمنية مفقودة» ترصد رحلة البحث عن غدٍ أجمل
• قدَّمتها فرقة المسرح الكويتي في أول عروض «المسرح العربي للطفل»
دشنت فرقة المسرح الكويتي العروض الرسمية للدورة الثامنة من مهرجان المسرح العربي للطفل، حيث استهلت فعالياتها على خشبة مسرح الدسمة بتقديم العرض المسرحي «أُمنية مفقودة»، تأليف الكاتب عثمان الشطي، وإخراج محمد الأنصاري.
المسرحية بطولة: عبدالله التركماني، وسارة صلاح، وألين، وموسى بارون، إضافة إلى مصعب السالم، وفاطمة دشتي، ويعقوب جوهري، ويوسف أشكناني، وهديل، وبيبي.
ودارت أحداث المسرحية في إطار هادفٍ ومسلٍ حول ما يُكابده الإنسان في حياته من لحظات غضب أو يأس أو إنهاك، تجعله أسيراً للانكسار والظلام، فيتفوَّه أحياناً بكلمات قاسية لا يُدرك أثرها. تلك الكلمات قد تترك جُرحاً غائراً في نَفْس الآخر، وربما تُغيِّر مجرى حياته بأكملها. فكلمة عابرة أو انفعال عابر قد يتحوَّل إلى لعنة تُلاحق صاحبها أو مَنْ حوله. ومن هذا المبدأ، بدأت فصول الحكاية مع فتاة في مطلع العشرينيات تُدعى أُمنية، تعيش في بيتٍ متواضع مع والدها المريض وأختها الصغرى أسرار. ورغم فقرها وقسوة واقعها، تحمل قلباً متمرداً لا يرضى بالاستسلام، مؤمنة بأهمية العائلة، وما تمنحه من قوةٍ ودفء. إلا أن القدر كان يُخبئ لها ابتلاءً يثقل قلبها ويختبر صبرها.
عثمان الشطي: نسج نصاً متماسكاً وعميقاً في طرحه
صراع الإنسان
وفي الجهة الأخرى من القصة، تعيش طفلة صغيرة تُدعى أحلام، لم تتجاوز العاشرة، مع شقيقها الوحيد المُقْعَد. ورغم طفولتها البريئة، تتحمَّل مسؤوليات تفوق سنها، وتقوم بخدمته بحنان لا ينضب، محاولةً أن تمنحه ما فقده من عافية. حينئذٍ، تتمنى أن تنتقل أحلام الصغيرة إلى جسد الشابة أُمنية، ظناً أنه سوف تتحقق أُمنياتهما بالخلاص من واقعهما المؤلم، غير أن تقلبات الأيام كفيلة بقلب الموازين حين تحلُّ اللعنة، المتمثلة بشخصية وميض (عبدالله التركماني)، فتنقلب الأحوال رأساً على عقب، وتجتمع مصائر العائلتين عند مفترقٍ واحد. هناك، نجد أنفسنا أمام أسئلة وجودية: ما اللعنة الحقيقية؟ هل هي غضبة عابرة؟ أم قَدَرٌ مكتوب؟ وكيف يمكن لكلمة أن تغيِّر حياة بأكملها؟ وهل النهاية خلاص أم بداية رحلة جديدة؟
المسرحية تحمل بين طياتها صراع الإنسان مع الضعف والأمل، وتطرح فكرة أن قِطار الحياة لا يتوقف مهما تراكمت الخسائر، بل يمضي دوماً نحو الغد، بحثاً عن معنى أجمل.
السينوغرافيا والرؤية الإخراجية
سينوغرافياً، نجح المخرج الأنصاري في الإمساك بزمام الخشبة المسرحية، كما اتسمت رؤيته الإخراجية بالتنوُّع والإبهار، بعدما قدَّم لمحة أكاديمية مميزة.
أما النص الذي نسج أحداثه الكاتب الشطي بالفصحى، فكان متماسكاً وعميقاً في طرحه، ورغم ذلك لم يكن سوداوياً، بل حرص على بعض «القفشات» التي قُدِّمت بالعامية، فلاقت إعجاب الحاضرين، كما لم ينسَ الجانب الإنساني، من خلال إعانة الشاب المُقْعَد، مشدداً على نعمة الأشقاء والعائلة في حياة الفرد.
وبخصوص الموسيقى التي ألَّفها محمد البصيري، فإنها بلا شك أحد أبطال العرض، حيث اتسقت مع كل حدثٍ على حِدة، فجاءت معبِّرة في الحزن والفرح، واليأس والأمل، بتناغمٍ كبير بين البيانو تارةً، والساكسفون تارةً أخرى.
فيما أبدع سعيد السليطي في ألحانه وأغانيه التي ألَّفها، وراح يُرددها جمهور الصغار بحُبٍ كبير. ولا نغفل الإضاءة أيضاً، لمصممها فاضل النصار، وهو خبير في مجاله، خصوصاً أنه استخدم ألوان الفرح في وقتها، وألوان الحزن في كل مشهدٍ مؤثر، من دون تكلُّف أو مبالغة.
كذلك أبدع مصمم الديكور محمد بهبهاني في وضع كل قطعةٍ في محلها الصحيح مع إمكانية تحريكها وتطويعها بانسيابية، من دون إحداث ضجيج أو تلوُّثٍ سمعي على الخشبة.
بدورها، استطاعت مصممة الأزياء شهد البلوشي أن تُعطي كل شخصية من الشخصيات الزي المُناسب لها، في حين بدا الماكياج لنعيمة الراشد وزينة القطان ملائماً في الوجوه التي أرهقها اليأس والانكسار. كما لا يفوتنا الإشادة بأداء الممثلين كافة، وفي مقدمتهم الفنانان عبدالله التركماني وسارة صلاح.