غانم المفتاح... ابتسامة تمحو الحزن

نشر في 03-09-2025
آخر تحديث 02-09-2025 | 17:56
 بدور المطيري

وسط جمع من الناس تلقيت خبراً أزعجني وضايقني كثيراً، وجدت عيني تدمع منه، أمسكت بهاتفي حتى لا يلاحظ أحد تلك الدموع الهاربة، فإذا على الشاشة فيديو للشاب غانم المفتاح وهو يحقق حلمه في الغوص مع قرش الحوت. كان يتحدث بابتسامته المعهودة عن سعادته بتحقيق هذا الحلم، فوجدتني أبتسم معه، وأبحث عن المزيد من مقاطعه، لأستمع إلى كلماته الصادقة، ونسيت في لحظةٍ ما كان يُضايقني، بل حقيقة بدا تافهاً لا يستحق كل ذلك الحزن.

ولأن في الحياة ديوناً علينا أن نُسددها بما نملك، أجد نفسي أكتب لك يا غانم هذه الكلمات وأنت تمرُّ بوعكةٍ صحية، سائلين الله لك الشفاء. أكتب وفي داخلي يقين أن أجمل ما قد يمنحه الله للإنسان أن يجد مَنْ يخفف عنه حزنه، وأن يمد له يداً في لحظة ضعف، فينتشله من تيارات الإحباط، وقد كنتَ أنت بالنسبة للكثيرين هذا الإنسان، الذي يزرع الأمل بابتسامة، ويمسح الدموع بكلمةٍ صادقة، ويجعلنا نرى في حضوره أن القوة ليست فكرة، بل حياة.

ثمة أشخاص لا يتركونك تفكِّر طويلاً في معنى الإرادة، لأن حياتهم نفسها هي الإجابة، وأنت واحدٌ من هؤلاء يا غانم. عرفناك رمزاً للصبر، وأيقونة للأمل، وشاهداً على أن الروح حين تكون عظيمة تكسر القيود، وتفتح الأبواب. لم يكن خبر وعكتك الصحية حدثاً عابراً، بل بدا وكأنه امتحان جديد لروح اعتادت أن تنهض في كل مرة، توقفت القلوب عنده لا بدافع الشفقة، بل بدافع المحبة التي صنعتها بابتسامتك وصدقك وبساطتك. لم تطلب البطولة يوماً، لكنها جاءت إليك حين اخترت أن تحيا بكرامة، وأن تواجه العالم كما هو.

منذ طفولتك وأنت تعلمنا أن نصف الجسد قد يكفي لصناعة حياة كاملة إذا كانت الروح ممتلئة بالإصرار، فلم تختبئ خلف مرضك النادر، بل جعلت منه جسراً إلى قلوب الناس. هل تذكر يوم وقوفك في افتتاح كأس العالم بجوار مورغان فريمان؟ لقد تركت أثراً جميلاً في قلوب الملايين حول العالم، إذ أعلنت أن الروح العظيمة لا تحتاج إلى أقدام كي تمشي، بل إلى صدقٍ وعزيمة كي تصل.

نحن واثقون، بإذن الله تعالى، أنك ستعود أقوى مما كنت، لأنك تعوَّدت أن تجعل من كل محنة منحة، ومن كل امتحان بداية جديدة. كلنا بدعائنا معك، وبمحبيك، وبمساندة أهلك الكرام، وبوطنك العزيز قطر، التي آمنت بك، وجعلتك وجهاً مشرقاً لصورتها أمام العالم، ولو أنك لست ابن قطر فقط، بل أنت ابن وأخ للجميع، لكل مَنْ وجد فيك مرآة لنفسه، ولكل مَنْ التقط من ابتسامتك قوة جعلته يواصل طريقه.

أحبَّك الناس لأنك لم تخفِ ضعفك، ولأنك قلت دائماً إن الإعاقة ليست في الجسد، بل في الاستسلام. انظر إلى المنصات التي امتلأت بالدعاء لك، لتعلم أن الأثر الذي تركته عاد إليك في صورة حُب من كل مكان.

سلامتك يا غانم، لقد كنت دائماً الوجه الذي يثبت لنا أن القوة الحقيقية تسكن في الروح، لا في الجسد، وأن الأمل يمكن أن يُولد من أصعب اللحظات. سننتظرك وأنت تعود أقوى، بابتسامتك التي تعلِّمنا كل يوم أن نتجاوز أحزاننا ونقف من جديد، وكما قلتها أنت مراراً «لا شيء اسمه مستحيل».

* يُنشر بالتزامن مع صحيفة الشرق القطرية

back to top