«قمة تيانجين» تتبنى سياسات نقيضة لترامب وشي يقترح مبادرة للحوكمة العالمية
• منظمة شنغهاي تدعو لوقف النار في غزة وتتمسك بتجارة تعددية
وجّه البيان الختامي لقمة منظمة شنغهاي التي عقدت في مدينة تيانجين الصينية انتقادات ضمنية لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة أظهرت قدرة الصين على قيادة هذه المنظمة الإقليمية التي تضم 10 دول.
ودعا البيان الختامي إلى ضرورة توسيع التبادلات والتعاون مع الأمم المتحدة وهيئاتها، في انتقاد ضمني للتجاهل المتزايد من جانب ترامب للمنظمة الدولية. وتمسك البيان بـ «نظام تجاري متعدد الأطراف منفتح وشفاف ومنصف وشامل وغير تمييزي يقوم على المبادئ والقواعد المعترف بها دولياً»، في انتقاد للرسوم التجارية التي يفرضها ترامب، محاولاً إعادة تشكيل التوازنات التجارية عبر إجراءات قسرية.
وكان شي ترأس اجتماع القمة، الذي شارك فيه رؤساء نحو 20 دولة و10 منظمات دولية، بينهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان والتركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وتعتبر القمة التي ترأستها الصين أكبر قمة من حيث عدد الدول المدعوة في تاريخ المنظمة، مما دفع لإطلاق عليها اسم قمة «منظمة شنغهاي بلاس».
ودانت القمة بشدة «الأعمال التي تُسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وكوارث إنسانية» في قطاع غزة. وجاء في البيان أن «الدول الأعضاء تعرب عن قلقها البالغ حيال تصاعد النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وتدين بشدة الأعمال التي تتسبب بسقوط مدنيين وبكوارث إنسانية في غزة وتدعو إلى وقف إطلاق نار شامل ودائم و(إيصال) المساعدات الإنسانية من دون عراقيل».
كما شددت على أن «السبيل الوحيد لضمان السلام والاستقرار في الشرق الأوسط هو حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية»، وفق البيان المشترك.
وأضاف البيان أن المنظمة «تدين بشدة العدوان الإسرائيلي والأميركي في يونيو 2025 على إيران الذي استهدف بنى تحتية نووية مدنية وتسبب بسقوط ضحايا وانتهك القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة».
وجددت دول منظمة شنغهاي للتعاون تأكيدها «مواصلة العمل المشترك لتعزيز أنشطة مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار الأيديولوجيات المتطرفة والتعصب الديني والقومية العدوانية والتمييز العرقي».
وقررت الدول الأعضاء المعنية إنشاء مصرف التنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون، والتعجيل بالمشاورات بشأن مجموعة من المسائل المتعلقة بعمل المؤسسة المالية.
كما عبرت الدول الأعضاء عن تأييدها توسيع نطاق التعاون الشامل والمنفعة المتبادلة في مجال الطاقة، وتعزيز مرونة سلسلة التوريد في قطاع الطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة والمستقرة والمتوازنة لسوق الطاقة العالمية غير التمييزية.
واعتمد قادة الدول الأعضاء 24 وثيقة ختامية تتعلق بتعزيز التعاون في قطاعات مثل الأمن والاقتصاد والتبادلات الثقافية، فضلاً عن بناء المنظمة، حسبما أفادت وكالة «شينخوا».
وفي خطوة تعكس رؤية بكين لنظام دولي متعدد الأقطاب يوازن النفوذ الأميركي، استغل الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمته في القمة لإعلان مبادرة الحوكمة العالمية، التي تعتبر بمنزلة إطار هيكلي لإعادة توزيع موازين القوى الدولية وتعزيز التعددية في النظام العالمي.
ودعا شي الدول المشاركة إلى العمل معاً من أجل نظام حوكمة أكثر عدلاً وإنصافاً، مؤكداً على خمسة مبادئ رئيسية تشمل المساواة في السيادة، والالتزام بالقانون الدولي، وممارسة التعددية، وتركيز السياسات على مصالح الشعوب، واتخاذ إجراءات فعلية.
ويشير مراقبون إلى أن المبادرة تمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى توسيع شبكة الشراكات والتحالفات الصينية وتعزيز موقعها في صنع القرار الدولي، بما يتماشى مع مصالحها الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
وقال شي في كلمته «يتعين أن ندعو إلى تعددية أقطاب متكافئة ومنظمة في العالم والعولمة الاقتصادية الشاملة وتعزيز بناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً».
وأضاف أن الصين ستقدم ملياري يوان (280 مليون دولار) من المساعدات التي لا تنطوي على أعباء على الدول الأعضاء هذا العام و10 مليارات يوان أخرى من القروض لكونسورتيوم بنوك تابع لمنظمة شنغهاي للتعاون.
وأضاف شي «يجب أن نستفيد من السوق الضخمة... لتحسين مستوى تيسير التجارة والاستثمار»، وحث التكتل على تعزيز التعاون في مجالات تشمل الطاقة والبنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وفي كلمته، قال بوتين إن القمة أحيت «التعددية الحقيقية» مع تزايد استخدام العملات الوطنية في التسويات المتبادلة، مضيفاً أن «هذا بدوره يرسي الأساس السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبناء نظام جديد للاستقرار والأمن في أوراسيا».
وأوضح أن «هذا النظام الأمني، على عكس النماذج الأوروبية المركزية والأوروبية الأطلسية، سيراعي مصالح مجموعة واسعة من الدول بصدق، وسيكون متوازناً فعلاً ولن يسمح لدولة واحدة بضمان أمنها على حساب الآخرين».