وجهة نظر: الحراسة القضائية متى تصبح ضرورة لحماية حقوق المساهمين؟

نشر في 01-09-2025
آخر تحديث 31-08-2025 | 20:07
 عبدالرزاق عبدالله

عند تراجع قيمة الأصول واستمرار تضخم الديون، وما لذلك من تأثير على حقوق المساهمين أو استمرارية الشركة ذاتها، تبرز أهمية فرض الحراسة القضائية كأداة قانونية مهمة لتحقيق التوازن وحماية المصالح المتعارضة، والتي تتمثل في وضع أموال الشركة وإداراتها تحت إشراف شخص تعينه المحكمة ليتولى إدارة الشركة بشكل محايد، ومنع أي تصرف قد يضر بالمساهمين أو الدائنين.

وقد يثور التساؤل حول مدى جواز فرض الحراسة القضائية على الشركات المساهمة، لما لها من وضع خاص عن شركات الأشخاص، ذلك أن الشريك (المساهم) لا يتولى الإدارة بنفسه مباشرة، وإنما الذي يقوم بهذه الإدارة مجلس إدارة تحت إشراف الجمعية العامة، لذلك فإن الخلاف حول ملكية الأسهم لا يؤدي إلى تعطيل أعمال الشركة، كما هو الحال في شركات الأشخاص. لذلك لا تفرض الحراسة على الشركة المساهمة إلا في حالات استثنائية، مثل وجود نزاع خطير بين أعضاء مجلس الإدارة يعطل اتخاذ القرارات أو في حالات سوء الإدارة أو الاختلاس أو ارتكاب مخالفات جسيمة تهدد كيان الشركة واستمرارها، أو فقدان الثقة في الإدارة القائمة نتيجة تعارض المصالح أو تعاملات مشبوهة، وكذلك في حالة كثرة المطالبات القضائية من الدائنين ضد الشركة، وإن كان المشرع قد أعطى المساهمين الحق من خلال الجمعية العامة في إقالة رئيس أو مجلس الإدارة بأكمله، إلا أنه قد لا يكون سلوك هذه الطريق سريعاً بقدر سرعة الخطر المحيط بحقوق المساهمين ومصالح الشركة، ويتعذر تشكيل مجلس آخر بديل سريعاً، وعندئذ يقوم الخطر المبرر لفرض الحراسة القضائية على الشركة المساهمة.

والقانون يمنح الحق في طلب الحراسة لمساهمين يملكون نسبة مؤثرة من الأسهم، ويثبتون الضرر، والدائنين إذا كانت أموالهم في خطر بسبب سوء الإدارة، وبالتأكيد الجهات الرقابية لأن من أهداف هيئة أسواق المال حماية المستثمرين وتنظيم أسواق المال.

من أهم مهام الحارس القضائي، الذي غالباً ما يكون خبيراً مالياً أو قانونياً، إدارة الأصول وتشغيل الشركة وإعداد تقارير دورية للمحكمة والحفاظ على مصالح جميع الأطراف حتى زوال الحراسة.

وفرض الحراسة قد يكون حلاً مؤقتاً لحماية وإنقاذ الشركة عند التعثر أو النزاع، وعلى الحارس هنا العمل على دعوة الجمعية العمومية في أقرب وقت لانتخاب مجلس إدارة جديد، ويستمر الحارس في إدارته للشركة حتى يُنتخب مجلس الإدارة الجديد وترفع دعوى الحراسة بناء على طلب أحد المساهمين.

إلا أنه ومع التطور السريع وصدور تشريعات جديدة تواكب الأحداث، ومنها على سبيل المثال قانون إنشاء هيئة أسواق المال، والذي تخضع له الشركات المساهمة المدرجة في البورصة وقانون هيئة أسواق المال واللائحة التنفيذية تفرض متطلبات ومهام ومسؤوليات على مجلس الإدارة في حال عدم أدائها تُوقع الجزاءات المنصوص عليها بالقانون واللائحة، سواء على الشركة أو المجلس أو رئيس مجلس الإدارة، فهل يخضع الحارس في هذه الحالة لأحكام قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية أم يظل عمله وفق أحكام الحراسة في القوانين ذات الصلة، لوجود نوعين من الشركات المساهمة أحدهما الشركات المساهمة العادية، والآخر المدرجة في أسواق المال، وهو الأمر الذي يستلزم إعادة النظر في التشريع بهذا الخصوص.

back to top