إلغاء الكفيل وجيش «السكيوريتي»... و«تقاسيم الصبا»

نشر في 31-08-2025
آخر تحديث 30-08-2025 | 22:35
 بدر خالد البحر

نشكر الشيخ فهد اليوسف على الضربة القاصمة لتجار الإقامات التي قام بها رجال وزارة الداخلية الأسبوع الماضي، فهذه المرة الخبر مختلف عن أخبار الحقب السابقة، فإعلان الجريمة تضمّن أسماء مرتكبيها ووجوههم، كما تم مع تجار المخدرات نقلة حاسمة وتحذير شديد اللهجة ووعيد غير مسبوق لكل من تسوّل له نفسه المنحرفة تدمير مجتمعاتنا نظير إشباع رغباته وشذوذ سلوكه الإجرامي غير الأخلاقي المريض للحصول على أموال حرام بممارسة رذائل المخدرات والخمور والدعارة وتجارة الإقامات.

فالآن لن يُترك للمجرمين وقتٌ كما كان يُفعل بالسابق للهروب بالواسطة، في حقبة الحزم لا واسطة تلجأ إليها ولا نائب فاسد تنطوي تحت جناحه لدرجة وصلت أحياناً إلى إذعان رجال القانون، لينكسروا أمام المجرم وهم يطلقون سراحه، كما شرح لي مرة ضابط بـ «الداخلية» كيف أجبره مسؤوله - باتصال هاتفي - ليطلق سراح متهور بعد ضبطه في سباق سيارات، بل وأمره أن يعيده إلى سيارته، قائلاً: كرهت نفسي وعملي بالشرطة!

معالي نائب الرئيس... هناك حل جذري يُنهي جرائم تجارة الإقامات، وهو إلغاء نظام الكفيل الذي طالبنا به لسنوات، كما أكد فاعليته وزير الشؤون في يناير 2010، الذي لا نزال نحتفظ بتصريحه، حين قال: «جادون في إنشاء هيئة عامة للعمالة الوافدة تئد نظام الكفيل إلى غير رجعة»... فمن أجهض هذه الجدية؟! التي لو تحققت لكانت الدولة ليست المتحكم في عدد العمالة، حاجة سوق العمل فحسب، بل هي الكفيل، وهو ما سيزيد خزانتها، لأنها ستكون الأولى بالأموال من تجار الإقامات، وبحسبة بسيطة بوفيصل، إذا كان عدد الوافدين ثلاثة ملايين ونصف المليون، «وشلنا منهم الخدم مادة 20»، وكان ثلث المتبقي من موظفي الدولة وعلى كفالتها، فهناك أكثر من مليون ونصف المليون يعملون بالقطاع الخاص، وسيُجبرون على دفع رسوم الإقامة لهيئة العمالة الوافدة بعد إنشائها، بحدود ألف دينار، متضمنة التأمين الصحي ليتم علاجهم بمستشفيات الضمان، كما ذكرنا الأسبوع الماضي، وبذلك ستجني الدولة المليارات لقاء هذا النظام.

معالي نائب الرئيس... المصيبة المضحكة هي بطالة الوافدين المقنعة، وإحداها شركات حراس الأمن التي أصبحت «جيش السكيوريتي» المتناثر بالوزارات، حيث يقفون أكواماً عند المداخل، ولدينا مقاطع فيديو بعدة جهات حكومية، الناس تدخل البوابات وأصوات الأجهزة لا تتوقف عن التصفير تنذر بوجود قطع معدنية، والجماعة ولا كأنهم موجودون، بالكويتي «صمنديقه» و«طمبور طين» وسوالف وضحك، في مشهد مثير للسخرية، مما يؤكد ضرورة وقف هذه المهزلة، فالعالم والعلم يتطوران لينسفا كل هذا التخلف، وعلينا مواكبتهما بإلغاء عقود الحراسة فوراً واستبدالهم بغُرف تحكُّم ذات تكنولوجيا عالية الدقة والاستشعار مزودة بكاميرات وحواجز أوتوماتيكية.

فمن مراجعتنا لاعتمادات المصروفات والنفقات لميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2025/ 2026، فإن مصاريف الحماية وصلت الآن إلى 28.6 مليون دينار بزيادة مليوني دينار عن العام الماضي.

***

من بين أجمل إهداءات الكتب التي وصلتنا هذا العام رواية رائعة للدكتور طالب الرفاعي، فطوال مسيرتنا الأدبية المتواضعة لم نجد فيما قرأنا هذا التنسيق المتمثل بالخط الغامق لكلمات تعبّر عن الشق اللحظي والآني.

دمج د. طالب أكثر من نوع أدبي، ما يسمى بالإنكليزي «جانرا»، فالأول روائي، والثاني سيرة شخصية «حياة شخص مكتوبة من قبل شخص آخر»، والثالث «أوتوبيوغرافي»، فكأن عوض الدوخي يتحدث عن نفسه، فلا نستطيع أن نسميها فقط رواية. وقد استمتعنا بتفاصيل حياة الموسيقار الدوخي وبوصف الساعات الأخيرة من حياته، وكأننا بجانب فراشه نسمع أنفاسه وتنهداته وتجرّع آلامه، وكم أعجبنا أن أدخل د. طالب شيئاً من تاريخ الكويت التليد لتثقيف العامة، فكل الشكر د. طالب على رواية «دوخي... تقاسيم الصبا».

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top