حكاية في برواز مهجور!
أينما أطبقت جفنيك، وابتسمت في صدرك، وجدت نفسك، نعم... هي حقيقة لا تقبل التأويل والنقاش، كلنا يبحث عن نفسه في وقت من الأوقات، خصوصاً حين تصفعه الدنيا دون مقدمات، والصفعات لا تنقطع لو أدركنا، وانتبهنا، وربطنا الأحزمة. وسط الأبناء، مع الأصدقاء، بين صفحات كتاب منسي على الرف، أو فوق حطام يكتب روايات، كلها لحظات تحتاج إلى الحب أو ربما حنيناً يجرفنا إلى ساحة الأحلام، كي نستيقظ من واقعنا المكبل بأصفاد الزمن. فقيرة تلك الابتسامة الخجلى في ثغر الريح، تبحث عن نافذة للعبور إلى عالم أبيض يقطر عشقاً، أو ربيع روته سحابة عطاؤها لا ينضب، لعلها تفتح باباً أوصدته المتاعب والحواجز، أو تروي ظمآناً يعزف لحن الحياة على حائط القرية المنسية.
في هذا الصخب اليومي، لا نجد أنفسنا، وأمنياتنا، بل حتى أبصارنا، نبحث عن سراب يسكننا، وعطر نثرته العاصفة في قلب الذكريات، على طريق لا ترى في اتجاهاته إلا قبلات متناثرة لعاشقين أفناهم الانتظار، ولا تسمع بين جنباته سوى صدى ابتسامة تصارع من أجل البقاء. احلم، بل تمادى قدر استطاعتك، فتلك هي الحقيقة الوحيدة التي نحياها بداخلنا بحرية مطلقة دون قيود ولا وصاية، أمامها تتحطم العقبات، تتبعثر الكلمات، وتبتسم الشوارع، فكل منا يحتاج إلى أن يعيش حلماً صادقاً لا يؤجل، يبني غداً مفعماً بالتفاؤل والأمل، ويدون لحظات مشرقة، تنطق بفرحة مسروقة من مدينة الأحلام! احلم بصمت وحيداً، واجعل أهدابك تحمل لافتة تدعو إلى عدم الاقتراب إلا للصادقين فقط، فهناك من يزعجهم عزفك الخافت على جدران العمر، وسنواته التي ترد الحنين بصوت لا يسمعه سواك... هنا يكتمل حلمك الجميل، وسط برواز انفصلت عنه حكاية... شرط أن تغمض قلبك لا عينيك!