لبنان: بعد نصف قرن... الجنوب بلا «يونيفيل»

• تمديد أخير للقوات الأممية على أن تستكمل انسحابها في 2027

نشر في 29-08-2025
آخر تحديث 28-08-2025 | 20:23
جنديات من «يونيفيل» بجنوب لبنان في صورة أرشيفية
جنديات من «يونيفيل» بجنوب لبنان في صورة أرشيفية

وجد لبنان نفسه أمام واقع جديد فرضته التغييرات الكبيرة والمتسارعة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث سيجد جنوب لبنان نفسه في نهاية عام 2027 بلا قوات الأمم المتحدة وذلك للمرة الأولى منذ عام 1978، حيث أدت تلك القوات دوراً إنسانياً واقتصادياً بارزاً ترك بصمات كبيرة في المنطقة الحدودية.

ونجحت فرنسا عملياً في تمرير قرار التجديد للقوات الدولية المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، بعد جولات تفاوضية عديدة مع الولايات المتحدة التي كانت تصرّ على تقصير المهلة وتقليص العدد وتخفيض الميزانية.

وفي الوقت نفسه، كانت إسرائيل تضغط على واشنطن لعدم التمديد، وختاماً تم الوصول إلى صيغة تمديد لمدة سنة ونصف السنة، على أن يكون التمديد الأخير، مما يعني أن مدة عمل قوات «يونيفيل» تنتهي في نهاية عام 2026، وبعدها يبدأ انسحابها بحلول نهاية 2027.

ووفق ما كشفته مصادر دبلوماسية غربية لـ «الجريدة»، فإن بداية عام 2027 هي المهلة النهائية التي تضعها دول عديدة، ومن بينها الولايات المتحدة، للوصول إلى حل نهائي للصراع بين لبنان وإسرائيل، على أن يكون لبنان قد أنهى معضلة سلاح «حزب الله»، وحصر كل السلاح بيد الدولة اللبنانية، وعندها يمكن الحديث عن الدخول في تفاوض مباشر أو الوصول إلى اتفاق، وقد يكون هذا الاتفاق هو نوع من العودة إلى اتفاقية الهدنة 1949، أو اتفاق ترتيبات أمنية جديدة.

ويأتي هذا القرار في ظل تزايد الضغوط الأميركية على لبنان لأجل البدء بتطبيق خطة الجيش لسحب سلاح «حزب الله» وغيره من الفصائل الفلسطينية، مع الإشارة إلى أن حركة فتح قد بدأت تسليم أسلحة تابعة لها من مخيمات جنوب نهر الليطاني، أي في نطاق عمل قوات «يونيفيل»، ولا سيما مخيم البص والرشيدية، على أن يستكمل العمل على تسليم السلاح من مخيم البرج الشمالي، وبعدها يتم الانتقال إلى مخيمات شمال نهر الليطاني.

في المقابل، فإن فصائل فلسطينية أخرى، على رأسها حركة حماس والجهاد الإسلامي، ترفض تسليم السلاح، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى «حزب الله»، الذي يعتبر أن الزيارة الأخيرة للوفد الأميركي إلى لبنان كانت في غاية السلبية، وتأخذ الأمور نحو المزيد من التصعيد أو التعقيد.

في هذا السياق، فإن كل الأنظار في لبنان تتجه إلى جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، والتي سيتم فيها طرح خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح، وسط تجاذبات سياسية مستمرة، بين تصعيد من جانب الحزب الذي يدعو الدولة إلى التراجع عن قرارها، وعدم الخضوع للضغوط الأميركية، في مقابل إصرار الحكومة على تطبيق قرارها. وهنا أصبح الجميع بانتظار خطة الجيش، وسط محاولات كي لا تكون خطة صدامية وترتكز على أساس واقعي يتصل بعرض كل المعوقات التي تعترض طريق الجيش في حصر السلاح والحاجة إلى المزيد من المساعدات العسكرية والتقنية والمالية، إضافة إلى الحاجة للتوافق لأنه لا يمكن الدخول في صدام كبير يؤدي إلى اهتزاز الوضع الأمني، كما أن المحاولات تتركز على ألا يضع الجيش مهلة زمنية ملزمة لعملية سحب السلاح.

مصير لبنان يقف أمام أخطر الاستحقاقات، إذ إنه بعدما تجاوز أزمة التمديد لـ «يونيفيل»، يبقى الأساس في تجاوز أزمة مسألة حصرية السلاح، علماً أن «حزب الله» يرفض تسليم أي قطعة سلاح في هذه المرحلة طالما أن الأميركيين لم يأتوا بأي ضمانات من جانب الإسرائيليين، ويبدو الضغط الدولي وكأنه يضع لبنان أمام معادلتين خطيرتين، إما تطبيق خطة الجيش، رغماً عن إرادة الحزب، وإما ترك لبنان أمام مواجهة المزيد من التصعيد الإسرائيلي.

back to top