كويت المستقبل والأصوات التنفيرية

نشر في 29-08-2025
آخر تحديث 28-08-2025 | 20:07
 حمد جاسم الفواز

لا يكاد مواطن أو مقيم في الكويت إلا وقد تلمَّس الإصلاحات الجريئة التي باشر بها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح منذ توليه الحُكم في 15 ديسمبر 2023، لإعادة ضبط الدولة، وعلاقة المواطن بالوطن، بعد سنوات من الركود والتيه السياسي.

لقد أعاد سموه إشعال شرارة رؤية الكويت، واضعاً نُصب عينيه إعادة رسم مكانتها الإقليمية والعالمية، بما يليق بإمكاناتها وتطلعات شعبها نحو التقدُّم والازدهار.

رأينا بوضوح كيف انعكس ضبط الأمن على حياة الناس، وكيف عادت هيبة القانون، بعد أن كانت الجرائم منتشرة، والشوارع فوضى لا تُطاق، وكيف بدأت الكفاءة تعود إلى مواقع المسؤولية، بعيداً عن الواسطة والأقدمية.

ورأينا ملفات الفساد تُفتح على مصراعيها، لتصل إلى وزراء وأعضاء سابقين في مجلس الأمة، وحتى بعض المنتسبين إلى الأسرة الحاكمة، في مشهدٍ يؤكد أن العدالة أصبحت ميزاناً واحداً لا يميز بين الناس.

اقتصادياً، مضت الدولة في مشاريع استراتيجية، مثل مصفاة الدقم في سلطنة عمان، وأصدرت أخيراً قانون «المطور العقاري» الذي انتظره المواطن طويلاً، هذا القانون الذي سيُحدث نقلة نوعية في السوق العقاري، بعد أن عرقلته عقليات نيابية متشددة، تارةً باسم «الاشتراكية»، وتارةً أخرى باسم المصالح التجارية! لكن في مقابل هذا التوجه الإصلاحي الطموح، ما زالت أصوات «الماضويين» من المتشددين تخرج علينا بخطابٍ تكفيري متشنج، يوزعون صكوك الإيمان والكُفر على الناس، وكأنهم أوصياء على عقولنا وضمائرنا، ولا يخاطبون الشعب الكويتي فقط، بل وحتى أشقاءنا بالخليج والوطن العربي والعالم. هؤلاء يعيشون في قوقعة تكفيرية لا علاقة لها بروح العصر، ولا برؤية كويت المستقبل، بل يسيئون لسُمعة البلد، ويعرقلون انفتاحه وعلاقاته مع جيرانه الخليجيين، الذين سبقونا أخيراً، بعد أن كُنا لهم مضرباً للأمثال.

الكويت اليوم تُعيد الانفتاح على العالم، حيث نظَّمت بطولة كأس الخليج 26 (ديسمبر 24) باحترافية تامة أشادت بها الجماهير، وأطلقت مبادرة «كويت فيزا» لتسهيل حركة الدخول والخروج للأجانب والمقيمين، واستقطبت استثمارات كبرى، مثل «فيستيفال سيتي» مع مجموعة الفطيم الإماراتية، فضلاً عن احتضان فعاليات عالمية، والحفلات والعروض الترفيهية المسرحية منها والغنائية. إلى جانب ذلك، هناك مشاريع تنموية حيوية ستجعلها محوراً استراتيجياً في شمال الخليج، مثل: المطار الجديد، وميناء مبارك، وخط القطار الخليجي. هذه الكويت التي نريدها، دولة مدنية عصرية، تواكب أشقاءها في مجلس التعاون الخليجي، فاتحة أبوابها بكُل ثقة أمام التنمية والتطور. أما الخطاب المتشدد الذي يرفع راية التكفير والتبديع، فهو عبء على الحاضر والمستقبل، ويجب أن يبقى حيث ينتمي في رفوف التاريخ المغبرة.

نرفض أن يختطف بعض «المتشددين» حاضرنا ومستقبلنا، كما فعلوا من قبل، بمباركة ومساندة من الحكومات السابقة وأعضاء مجلس الأمة. فلا داعي لتوريث الضغائن العقائدية بين الشعوب لمرويات وقصص عفى عليها الدهر والزمن، ولن تغيِّر من واقع الحال إلا لمزيدٍ من الفُرقة والكراهية والانعزال. لنردِّد ما قاله شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبوالعلاء: ديني لنفسي ودين الناس للناس.

*مهندس معماري وكاتب

back to top