كيان لقيط مارد يتحدى الشرعية الدولية!
لا يوجد في قاموس السياسة الحديثة، ولا في واقعها خلال نصف القرن الماضي ولا القرن الحالي «كيان سياسي» أو «دولة» دانتها المنظمات الأممية والإقليمية والإنسانية ومحاكم دولية أو وطنية على نحو متواصل ومتلاحق منذ عام 1967 وحتى اليوم، أكثر من الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
ولعل مجرد استعراض ومراجعة كل تلك القرارات، من جانب أي طرف محايد بشكل سريع، سيدرك حجم التحدي الذي يشكّله الكيان الصهيوني على الأمن والسلم الدوليين، وما يحدثه من قلق وقلاقل للأمن الإقليمي والدول المجاورة، بما يستوجب لجمه وردعه بشكل مباشر.
ونستذكر هنا قرارات المنظمات الأممية والإقليمية والإنسانية والمحاكم الدولية أو الوطنية التي تعلن خروج الكيان الصهيوني على الشرعية الدولية، بممارساته وباحتلاله لفلسطين، واستمرار عدوانه وفرض الأمر الواقع على الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، واستمرار جرائمه وانتهاكاته المستمرة والمتواصلة في إقامة المستوطنات وهدم المنازل وتجريف المدن والطرقات، وإطلاق النار وقتل المدنيين، وقصف المدن والمنشآت المدنية والصحية والدينية والتعليمية والأثرية، ومواصلة سياساته العدوانية، التي بلغت أوج وحشيتها وانتهاكها لكل المواثيق والعهود في غزة والضفة.
بل وتعدت تلك الاعتداءات فلسطين لتطول لبنان وسورية بشكل مستمر ومتواصل.
وعلى الرغم من إصدار مجلس الأمن قرارات عديدة تدين هذا الكيان المارد وتطالبه، بل تلزمه في أحيان عديدة، بالانصياع للقانون الدولي والانسحاب أو وقف الاحتلال وإنهاء الأعمال العدوانية والتوسعية وتغيير معالم فلسطين ومدنها، ووقف بناء المستوطنات غير الشرعية على أراضٍ محتلة ليس له صفة شرعية عليها، وقد توّج ذلك أخيراً بأحكام لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية التي دانت زعماء هذا الكيان المارد، وعلى الرغم من قيام معظم دول العالم في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية وكندا ونيوزيلندا بإدانة أعمال هذا الكيان المارد العدوانية ومطالبته بوقفها وبالانسحاب، فإنّه لا يزال يمعن في عدوانه وممارساته اللامشروعة، والسبب الوحيد في كل ذلك هو الدعم المباشر واللامحدود الذي تقدّمه له الولايات المتحدة التي تمده بالسلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي والاقتصادي اللامحدود، بما يُفقد أميركا مكانتها كدولة محايدة وصانعة للسلام الدولي، والحفاظ على المنظومة والقانون الدولي، التي هي أول من ينتهكه ويشجع الكيان الصهيوني المارد على انتهاكه وعدم الالتزام به.
ولعل الأمر المحزن والمؤسف هو الموقف العربي والإسلامي الذي يعطي هذا الكيان المارد الغطاء والمبرر السياسي للاستمرار في سلوكه العدواني والخارج على القانون الدولي، على طريقة التشفّي أو الانتقام أو التحريض، أو الاعتقاد بأنهم يكسبون وُدّ هذا الكيان، وهو السبب الذي دفع العديد منهم لإقامة علاقات عادية مع هذا النظام المارد، وقاموا بتطبيع علاقاتهم معه، من خلال علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتطبيع اعتيادي، في الوقت الذي تزخر مقرراتهم العربية بمواقف شجب واستنكار واعتبار الكيان محتلاً مارداً وغير شرعي! وهم يناقضون ذلك بممارسات العلاقات والتطبيع مع هذا الكيان الذي لا يحترم العهود ولا المواثيق!
وما لم يستيقظ العرب والمسلمون من غفلتهم ويغيّروا سلوكهم وموقفهم من هذا الكيان بمقاطعة وحصار سياسي ودبلوماسي واقتصادي، وحظر أجوائهم وموانئهم وحدودهم البرية، وغير ذلك، فإنهم يسمّنون هذا الكيان المارد حتى يأتي على دولهم الدور واحدة تلو الأخرى ليبتلعها.
إن الدول العربية والإسلامية وحدها هي القادرة على ردعه ونزع شرعية وجوده، فقط إن نفذّت حصاراً ومقاطعة سياسية ودبلوماسية واقتصادية وحصاراً جوياً وبحرياً وبرياً. ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.