عن الاغتراب البيئي... القرآن والبيئة (4/4)

نشر في 27-08-2025
آخر تحديث 26-08-2025 | 18:37
 د. سلطان ماجد السالم

أُنهي هذه السلسلة من المقالات التي تناولنا فيها جانباً جديداً لعله يفتح شيئاً من المدارك لدى القراء فيما يتعلق بثنايا القرآن الكريم وخباياه، هذا الكتاب الذي يعد بحاله معجزة عظيمة صالح لكل زمان ومكان. وحقيقة الأمر أن الجانب المتعلق بالحفاظ على البيئة وترك إفساد الأرض وتجنب أمور من شأنها أن تلوث الأرض، هي مسائل تعطي هذا الكتاب الموحى من الله عز وجل جانباً كبيراً ومهماً. أولاً هي في الواقع مسألة مهمة للحفاظ على الصحة العامة وإعطاء تعاليم لها لا يمكن أن تكون إلا من صانع هذا الكون العظيم. التعاليم الإلهية أتت وكانت واضحة وليست مبهمة في طيات القرآن الكريم، حيث بيّن الله عز وجل أن لهذا الكون موازين ونبراساً، وأنه من صنع الخالق بأدق التفاصيل، تحديداً في صناعة منظومة إيكولوجية متزنة صالحة للحياة «مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٍ» (سورة الملك - 3).

وقد أشرنا في المقالات السابقة في مواضع منتقاة عدة إلى ماهية وكيفية النهي الإلهي عن بعض الأمور المتصلة بدمار البيئة. وهنا نطرح التساؤل التالي: في زمن الوحي وفي زمن الجاهلية، ما الفائدة المرجوة من الإرشاد الخاص بتلوث البيئة والنهي عن إفسادها؟!

الإجابة عن هذا التساؤل قد تأتي بعدة أشكال، ولكنني أتبنى رأياً شخصياً وخاصاً، ألا وهو أن الله تعالى يريد أن يبين لمن هم حول الرسول - صلي الله عليه وسلم - والأمم التي تليهم أن لهذه البيئة منظومة خاصة نحنّ نجهلها وإن كنا لا ندرك حقيقة الأمر. وأدلل على هذه النقطة بتوافر الآيات الكريمات أكثر وأكثر في الوحي المكي منها عن القرآن المدني، وكأن الله يريد أن يبين لأهل مكة منذ بداية الوحي إعجاز القرآن من جانب وما كانوا يجهلونه من جانب آخر.

اقرأ أيضا

ينتابني الشعور بالحزن في إنهاء هذه السلسلة الفريدة من نوعها بالنسبة لي، والتي أكدت لي ما هو مؤكد في إعجاز القرآن الكريم وصلاحية هذا الكتاب لكل زمان ومكان. كما أنني أتمنى أن تنال سلسلة المقالات هذه إعجابكم، مرحّباً بأي تواصل من القراء، والله كريم وهو المستعان.

على الهامش: لعل أصعب بيت، أو بالأحرى بيتين، في اللغة العربية كتبهما أحمد شوقي هما:

لقد شقشق الشوق شوقي فشاق شوقي لك

فهل شقشق الشوق شوقك كشوق شوقي لشوقك؟

وإن شقشق الشوق شوقك كشوقي

فشوقي أشق شوقاً من شوقك

back to top