واشنطن تسرّع انسحابها من العراق وحديث عن مهلة لـ «حصر السلاح»
• مخاوف من خطة «ابتلاع» إيرانية تستغل الفراغ الأميركي
أفاد مصدر رفيع في الحكومة العراقية الاتحادية بأن القوات الأميركية شرعت، صباح أمس، بانسحاب جزئي من قاعدتَي عين الأسد في الأنبار وفكتوريا قرب مطار بغداد الدولي، وذلك بعد أيام فقط من انسحاب محدود من «عين الأسد»، في إطار اتفاق سابق بين بغداد وواشنطن يهدف إلى إنهاء المهام العسكرية للتحالف الدولي في العراق، وتحويل الشراكة إلى تعاون أمني مدني.
وحسب الاتفاق، يفترض أن تنتهي مهمة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في بغداد وقاعدة عين الأسد بحلول سبتمبر المقبل، على أن يكتمل إنهاء مهامه بالعراق في مرحلة ثانية خلال سبتمبر 2026. لكن قناة سكاي نيوز عربية نقلت عن مصادر قولها إن «الأميركيين أبلغوا نظراءهم العراقيين بأنهم سيسرّعون عملية الانسحاب، ولن يلتزموا بالجدول الزمني المحدد»، ووصفت الانسحاب من القاعدتين بأنه «مفاجئ».ونقل موقع «ارم» عن مصادر أن واشنطن منحت بغداد مهلة لا تتجاوز 3 أسابيع لوضع خطة عملية لتفيك الحشد الشعبي وحصر السلاح بيد الدولة، وإلا ستفرض عليها سلسلة من العقوبات.
ونقلت وسائل إعلام عراقية وعربية عن المصدر أن جزءاً من الجنود تم سحبهم بالفعل، على أن يُستكمل الانسحاب بشكل تدريجي خلال الأيام المقبلة، حتى تصبح القاعدتان فارغتين تماماً من القوات الأميركية.
ووفقاً للمصدر، كان يوجد في قاعدة عين الأسد نحو ألفي جندي أميركي، في حين تضم قاعدة فكتوريا عدداً آخر من الجنود المتمركزين داخل مطار بغداد الدولي. وأضاف أن جزءاً من هذه القوات المنسحبة تم نقله إلى أربيل في إقليم كردستان.
وكانت تقارير قد أشارت مساء الخميس الماضي إلى بدء الانسحاب العملي من «عين الأسد» عبر نقل أفراد ومعدات جواً. وتعد القاعدة، الواقعة غرب الأنبار، من أكبر القواعد العسكرية في العراق، وقد استخدمتها القوات الأميركية منذ 2003 كأحد مراكز وجودها الاستراتيجي، قبل أن تنسحب منها عام 2011 وتعود إليها في 2014 ضمن الحرب على تنظيم داعش.
القوات الأميركية تنسحب من قاعدتَي عين الأسد وفكتوريا في مطار بغداد
وتعرّضت القاعدة لقصف إيراني مباشر بعد اغتيال واشنطن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أما قاعدة فكتوريا داخل مطار بغداد فمثّلت مقراً لوجستياً حساساً لقربها من البعثات الدبلوماسية الغربية. وتعرّضت القاعدتان بشكل متواصل لقصف بالصواريخ من حلفاء إيران.
وأتى هذا التطور في ظل تصاعد الجدل السياسي الداخلي حول مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، حيث تطالب قوى سياسية شيعية بجدولة الانسحاب الكامل، فيما ترى أطراف أخرى أن استمرار الدعم الأميركي ضروري لمواجهة بقايا تنظيم داعش وضمان الاستقرار الأمني.
وأعلنت السفارة الأميركية في العراق، في وقت سابق، أن التحالف الدولي في العراق سينتقل إلى شراكة أمنية ثنائية، وقالت السفارة» في بيان» إن «هذا ليس نهاية عمل التحالف الدولي لهزيمة داعش، إذ سيواصل جهوده المدنية بقيادة مدنية على المستوى العالمي».
وأضافت أن «مهمة التحالف العسكرية في العراق ستنتقل إلى شراكة أمنية ثنائية أكثر تقليدية»، لافتة إلى أن «التفاصيل المتعلقة بخططنا وعملياتنا العسكرية ستحال إلى وزارة الدفاع».
وكان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، صباح النعمان، قد أكد، الاثنين الماضي، أن انسحاب قوات التحالف من العراق أحد إنجازات الحكومة، مشيرا إلى أنه مؤشر على قدرة العراق على التصدي للإرهاب.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن النعمان قوله إن «انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق هو واحد من إنجازات الحكومة ومؤشر على قدرة العراق على التصدي للإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار من دون الحاجة إلى مساعدة آخرين».
وأضاف أن «هذا الأمر ما كان ليتم لولا جهود سياسية وإصرار من قبل رئيس الوزراء على غلق هذا الملف كما أغلق ملف يونامي».
ونقلت «واع» عن النعمان قوله أمس الأول إن «عصابات داعش لا تشكّل خطرا على العراق، وقواتنا الأمنية متمكنة وعلى أهبة الاستعداد للتعامل مع التطورات».
وأكد أن «الحدود مؤمّنة بالكامل، وأي تطورات إقليمية لا تؤثر على أمن العراق بشكل مباشر، ونحن مطمئنون لقدرات القوات الأمنية الميدانية والاستخبارية».
واعتبر أن «المخاوف الدولية من عصابات داعش لا ترتبط بالوضع العراقي، فالتنظيم بطبيعة الحال يمثّل خطرا إقليميا ودوليا ويوجد بعدة دول، ولو تعلّق الأمر بالعراق، فإن التنظيم مشلول ويتلقى ضربات مستمرة من قبل القوات الأمنية وبكامل العدة والعدد وبأعلى المعنويات».
وتأتي تصريحات النعمان بعد ساعات من إعراب السفارة الأميركية في بغداد عن قلق عميق إزاء «توسعات إقليمية» لتنظيمَي داعش والقاعدة.
وحذّر موقع ميدل ايست أونلاين من خطة ايرانية للهيمنة على العراق بعد الانسحاب الأميركي، مشيراً الى تصريح مسؤول إيراني، الأسبوع الماضي اعتبر فيه أن «العراق كان تابعا لإمبراطوريتنا الفارسية ونحن أحقّ بأن نعيده الى حاضرتنا، كما كان عبر التاريخ».
وأشار الموقع الى أن «الانسحاب الأميركي، إن صح فعليا، فهو من سيحقق لإيران حلمها بإعادة ابتلاع العراق مرة أخرى»، موضحا أن «الفراغ الذي يتركه الغياب الأميركي عن العراق ستجد فيه إيران فرصتها للتوغل في الأراضي العراقية إن سعى تنظيم داعش أو القاعدة إلى التوغل مرة أخرى في العراق، عندها سيكون مبررا للحرس الثوري الإيراني الدخول الى العراق بقوات ضخمة تحت مبررات مواجهة التنظيمين».