«خريف ظفار»... في جنة صلالة
• لوحة طبيعية بريشة فنان بارع يلتقي فيها جمال الطبيعة بروعة الطقس
• رسالة ترحيب من تاريخ يمتد لآلاف السنين... وتجربة لا تنسى
بدأنا جولة الوفد في اليوم الأول من زيارته، التي جاءت بدعوة كريمة من وزارة التراث والسياحة في سلطنة عمان الشقيقة، من منتزه البليد الأثري، الذي تبلغ مساحته 2100 متر، حيث تنطق الحجارة بتاريخ حضارة اللبان، ثم انتقلنا إلى متحف أرض اللبان، الذي حملنا إلى قصص التجار والبحارة، الذين جعلوا من ظفار مركزاً للعالم القديم، وللبان ظفار أنواع متعددة، أجودها يستخدم في العلاج.
وفي المساء تجولنا بين أزقة سوق الحصن، حيث البخور يتصاعد من المحلات، والأيادي تصنع بحرفية منتجات تحكي تراث المكان، وعلى مقربة من السوق، جلسنا على شاطئ الحافة نحتسي القهوة ونشاهد غروب الشمس يغرق في بحر العرب، في وقت تترك الفواكه الاستوائية الطازجة في أفواهنا مذاقاً لا يُنسى.
كما أن السواحل الممتدة لآلاف الكيلومترات تجذب عشاق التأمل وممارسي الأنشطة البحرية المتعددة. المرتفعات الجبلية الشاهقة ملاذ دافئ في الصيف الحار، والمناخ الموسمي المميز مرتع للباحثين عن الأجواء اللطيفة، كما تم احتساء القهوة بأحد المقاهي المطلة على بحر العرب، وتعرفنا هناك على تاريخ محافظة ظفار وازدهار تجارة اللبان بها من خلال متحف أرض اللبان.
وجهتنا في اليوم الثاني كانت غرب ظفار، فالمروج الخضراء في افتلقوت أبهرتنا بإطلالتها على البحر، ثم تابعنا الطريق نحو المغسيل، الممتد برماله الفضية والاستمتاع بمشاهدة كهف المرنيف والنافورات الطبيعية والأمواج العالية، وتمت تكملة المسار عبر الطريق الجبلي المتموج وصولاً إلى إطلالة الشاطئ المخفي وشاطئ الفزايح ومواطن أشجار اللبان، حيث النافورات الطبيعية تنفجر من بين الصخور على وقع هدير الأمواج.
وفي رخيوت، وقفنا عند إطلالة شعت هناك، حيث يلامس المرء السحاب بيديه، وتبدو الأرض والبحر وكأنهما يلتقيان عند الأفق البعيد، لحظة جعلتنا ندرك أن الطبيعة في ظفار لا ترسم الجمال فقط، بل تشعرنا به.
كما تم التوجه إلى شاطئ الحافة، مروراً بأكشاك بيع الفواكه الاستوائية الطازجة، وتجربة النكهات المحلية المنعشة، كما تمت زيارة سوق الحصن الشعبي المتوافرة به منتجات اللبان العماني والبخور والمنتجات التقليدية التي تمثل تراث ظفار الأصيل، ثم تم التوجه إلى سوق شاطئ الحافة الجديد، والاستمتاع بلحظة الغروب المميزة، فعشنا أجواء المتعة والخيال في إطلالة شعت بولاية رخيوت وملامسة السحاب وإمعان النظر في البحر الفيروزي.ظفار حضارة اللبان والعيون المتدفقة والحصون المنيعة والشواطئ الفاتنة
واستهل اليوم الثالث بزيارة شرق ظفار، حيث العيون المائية الطبيعية المنتشرة فيها، مثل عين رزات، التي وقفنا عند تدفقها الغزير وسط الخضرة، ثم انتقلنا إلى عين أثوم وعين طبرق وعين حمران، كل واحدة منها تحمل سراً مختلفاً للطبيعة، ثم اتجهنا إلى الحي التراثي في ولاية طاقة وتعرفنا على حصنها التاريخي وبيوتها الأثرية في متحف تواصل للأجيال، كما احتسينا القهوة في برج العسكر.
ثم واصلنا المسيرة إلى المحطة الأجمل في العالم: وادي دربات، حيث الشلالات والبحيرات والكهوف المميزة، فكانت ذروة المتعة. إنه بحق المكان الأجمل ليس في عمان فقط، بل ربما في العالم أجمع، حيث الشلالات تهوي من أعالي الجبال، والبحيرات الزرقاء تعكس الخضرة من حولها، لتصنع مشهداً لا يمكن للعين أن تملّه، وبعد راحة قصيرة في منتجع الفنار محل إقامة الوفد الإعلامي، حيث المكان الأنسب للاستجمام والمشيد على مساحة هائلة، ويضم أكبر عدد غرف بنحو 588 غرفة، انطلقنا في المساء الى آثار خوروري بمنتزه سمهرم.
وفي اليوم الرابع، توجهنا الى ولاية مرباط، المدينة التي كان اسمها مرادفاً للخيل والبحر واللبان، وصولاً إلى طوي أعتير، حيث أشجار التبلدي العملاقة، التي تقف شامخة كالجبال، وذلك قبل أن ندخل عالماً جيولوجياً مهيباً عند كهف طيق، أكبر حفرة إذابة في العالم، واستكشفنا موقع الجاذبية، حيث رأينا المعجزات، فهناك ترى الجاذبية العكسية، عندما تصعد السيارة المحملة بالأشخاص المنحدرات دون استخدام ناقل الحركة الآلي، فقط وهي على وضع الـ N، وواصلنا بعدها المسيرة صعوداً نحو الجبال المحيطة، واستمتعنا بالمناظر البانورامية، وزرنا حفرة وكهف طيق المصنفة كأكبر حفرة إذابة على مستوى العالم.
وفي يومنا الأخير، توجهنا شمالاً نحو البادية، حيث تنتشر أشجار اللبان في محمية وادي دوكة، هناك وبين تلك الأشجار التي حملت اسم عمان إلى العالم، جلسنا نستعيد أيامنا الخمسة، نستحضر صور الشلالات والجبال والبحر، ونشعر بأن ظفار ليست مجرد مكان نزوره، بل روح نعيشها ونأخذها معنا أينما ذهبنا.
هكذا انتهت رحلتنا، لكنها تركت في القلب أثراً لا يمحى، ففي ظفار الشعب مضياف، ويخجلك بكرمه وحسن استقباله، والمحافظة كلها ترحب بزوارها، والمتعة فيها لا تنتهي، فيكفيك حقاً السير بسيارتك على طرقها لتستمتع بجمال الطبيعة والطقس المائل إلى البرودة، والأمطار التي لا تتوقف، والشمس التي لا تراها إلا عندما تعود بالطائرة إلى وجهتك.
«صلالة»... أرض الأصالة والجمال
تعد ولاية صلالة حاضرة محافظة ظفار، وهي وجهة سياحية مثالية على مدار العام، لما تمتاز به، من مواقع ومعالم سياحية وثقافية وتاريخية، وخدمات وبنية أساسية متكاملة.
انطلق فيها إلى جامع السلطان قابوس، في وسط صلالة، والذي يعد معلماً دينياً كبيراً، ثم انتقل إلى سوق الحصن، السوق التقليدي القديم، والذي يشتهر ببيع البخور ومنتجات اللبان، كما يزخر بالعديد، من المنتجات الحرفية المتنوعة، والملابس التراثية التي تشتهر بها محافظة ظفار، والى جانبه سوق شاطئ الحافة، الذي يضم محلات ومطاعم ومقاهي مميزة، وتضم صلالة العديد من الشواطئ الجميلة المفعمة بالحياة، ومنها الحافة ودهاريز وريسوت وشاطئ المغسيل، الذي يعد من أشهر شواطئ صلالة، لما يتميز به من نافورات طبيعية تتدفق بين الصخور، إضافة الى كهف المرنيف قبالة الشاطئ.
ولا تكتمل الرحلة في صلالة دون المرور بالعيون المائية التي تتدفق طوال العام، وبعضها موسمي يزيد تدفقه بفضل الأمطار في موسم الخريف، واستمتع بأوقات رائعة في عين صحلنوت، وكن بالقرب من أجمل العيون وأكثرها غزارة، وهي عين رزات، وضمن حدود موقع العين يقع كهف رزات الذي يجذب محبي الاستطلاع والتصوير.
ولا تنسى عين جرزيز القريبة من السهل الجميل سهل إتين، هذا السهل الذي يعتبر من مواقع الجذب الشهيرة التي تستقطب السياح، لاسيما في موسم الخريف، لجماله وتوفر الخدمات فيه.ظفار تقع في جنوب سلطنة عمان وتنعم ولايات المحافظة بأجواء استثنائية لا مثيل لها
وينتشر في صلالة وفي عموم محافظة ظفار عدد من الخيران المحاذية للشواطئ، وهي عبارة عن محميات طبيعية غنية بالحياة الفطرية، حيث تحتضن العديد من أنواع الطيور مثل الفلامنغو، إضافة إلى الطيور المهاجرة التي تستوطن فيها.
ولا تنسى المرور بوادي نحيز، الذي يتميز بأشجار وارفة الظلال، وتكوينات الصخور الجيرية، التي تعود إلى عصور قديمة، كما توجد في الوادي بعض العيون المائية التي تجذب السياح من محبي المغامرات.
«طاقة»... إطلالات ساحرة وطبيعة تسلب الألباب
تتمتع ولاية طاقة بإطلالات ساحرة وطبيعة تسلب الألباب، وتبدأ المتعة من حصن طاقة في وسط المدينة، الذي يعود تاريخه الى القرن التاسع عشر الميلادي، وقد شيد على الطراز المعماري العماني القديم، من حيث الشكل والتصميم والزخرفة، بمحاذاة الحصن تجد نزل بيت كوفان التراثي ومتحف تواصل الأجيال، وزر برج العسكر لاحتساء القهوة والاستمتاع بمنظر الغروب.
وفي طاقة قم بزيارة أجمل شلالات ظفار، وأبرزها شلالات وادي دربات، وبحيراته الزرقاء، حيث يعد من مواقع الجذب الرئيسية ويمثل حديقة طبيعية متنوعة تجمع بين الشلالات الطبيعية الخلابة والبحيرات العذبة والجبال الخضراء والكهوف المتشكلة بعوامل جيولوجية.
وإن أردت الاستمتاع بمشهد بانورامي على الوادي، فتوجه لإطلالة دربات، كما يمكنك أخذ نزهة بالقوارب في البحيرة، والتمتع بمشاهدة المعالم الطبيعية المختلفة، كما يمكنك أن تعيش متعة المغامرة في كل من شلال وعين أثوم وعين طبرق وخور طاقة.
«مرباط»... صفحة في كتاب التاريخ العريق
ولاية مرباط هي صفحة في كتاب التاريخ العريق، وقد سميت مرباط نسبة إلى مربط الخيل، حيث اشتهرت في القرن التاسع الميلادي بتربية الخيل وتصديرها الى العديد من الموانئ، والمدن العربية والإسلامية، بالإضافة إلى تجارة اللبان والمنتجات الحرفية المختلفة.
وتعتبر من الولايات التاريخية الهامة في محافظة ظفار، وبها حصن مرباط، أهم المعالم التاريخية في الولاية، واستمتع بتناول وجبة السمك المختلف في الميناء.
ثمريت... كرم البادية وتنوع الطبيعة
في ولاية ثمريت كرم البادية وتنوع الطبيعة، فهي تقع وسط الصحراء، وفي ولاية سدح من زارها سر قلبه وانشرح، فهي جوهرة رائعة بين أحضان الجبال، وتطل على بحر العرب في الجنوب الشرقي من محافظة ظفار، وكانت محطة تجارية مهمة لتجميع اللبان وتصديره، وتتمتع شواطئها بالهواء النقي، ومن المواقع التي عليك استكشافها بولاية سدح وادي خضبرم، فهو قطعة من الجمال مخفية في أعماق الجبال.
وولاية مقشن واحة الصحراء وهيبة الرمال، وتقع في الشمال الشرقي من محافظة ظفار، وتكثر فيها الكثبان الرملية، كما تجري فيها العديد من الأودية، ولا تنسى ولاية شليم وجزر الحلانيات، أعجوبة طبيعية في ظفار الأبية، وتمتاز بشواطئها الخلابة وأوديتها الفسيحة وصيدها الوفير وجوها المعتدل طوال العام، وولاية رخيوت وجهة سياحية بامتياز، بموقعها المتفرد، الذي يستقطب كل زوار المحافظة، وتكتسي في الخريف باللون الأخضر، لتبهر زوارها بجمال وروعة المناظر الطبيعية الخلابة التي تجمع بين الساحل والجبل.
تعرف على حصن رخيوت، وهو من أهم المعالم التاريخية التي تشتهر بها الولاية، وقد كان مقرا لإدارة شؤون الولاية القديمة، وفي ولاية ضلكوت مرتفعات خضراء واطلالات بحرية، وتقع في الجزء الغربي من محافظة ظفار وتتميز بالتنوع البيئي والتضاريسي، وفي ولاية المزيونة موطن أكبر كثبان رملي، وهي ولاية تجارية توجد بها السوق الحرة.
«عودة الماضي»... قمة العظمة
بحلة متجددة تعزز الطابع التراثي والهوية العمانية الأصيلة، أطلقت بلدية ظفار فعالية «عودة الماضي» في منطقة السعادة، ضمن الفعاليات الرئيسية لموسم خريف ظفار 2025، حيث تُقدّم الفعالية تجربة ثقافية متكاملة تستعيد ملامح الحياة العمانية التقليدية من مختلف بيئات محافظة ظفار ومحافظات سلطنة عمان، والتي تقام خلال الفترة من 10 يوليو حتى 31 أغسطس، مستقطبة الزوار من داخل سلطنة عمان وخارجها.
تحيي فعالية «عودة الماضي» ذاكرة ظفار، إنساناً وتقاليد، بتجسيد البيئات الظفارية الثلاث: الحضرية، والريفية، والبدوية، من خلال محاكاة حقيقية لأساليب الحياة القديمة في هذه البيئات وتقديمها بشكل متجدد يثري تجربة الزوار والأجيال كجسر بين الماضي والحاضر.
ولن يكتفي زوار ومرتادو موقع «عودة الماضي» بالتعرف على البيئة الظفارية، فهناك مشاركات من عدد من محافظات سلطنة عمان، لنقل موروثها الحضاري وتجسيد بيئاتها طوال أيام الموسم. وتشارك هذا العام كل من محافظة شمال الباطنة ومحافظة الشرقية ومحافظة الداخلية، كما ستكون هناك مجموعة من العروض الحية التي تقدمها فرق الفنون الشعبية، والتي تجسد تنوع الفنون العمانية الأصيلة، من رقصات وأهازيج تقليدية إلى مشاهد تمثيلية تعيد الحياة إلى تفاصيل القرى العمانية القديمة وأنماط العيش في السابق.
السياحة في أيد أمينة
مع تقدم «الجريدة» بخالص الشكر والتقدير إلى سفارة سلطنة عمان بالكويت، على جهودها في تسهيل مهمة الوفد الإعلامي، فإن الشكر مستحق كذلك لوزارة التراث والسياحة في سلطنة عمان الشقيقة، وإلى المدير العام للسياحة بمحافظة ظفار، رئيس العلاقات العامة والإعلام بالوزارة، هيثم تبوك بوطارق، والشركة المنظمة، وإلى الاخوان أحمد وعبدالله ومسلم على رقيّ تعاملهم وحسن استقبالهم وكرم ضيافتهم، وما لمسناه من روح شبابية تواكب رؤية سلطنة عمان في تنشيط السياحة... فشكراً لكم جميعاً.
3 مشروعات للإطلالات الطبيعية وحديقة عامة
تنفذها بلدية ظفار بتكلفة تتجاوز 2.8 مليون ريال عُماني
تُنفّذ بلدية ظفار العمانية 3 مشروعات للإطلالات الطبيعية في ولايات صلالة ورخيوت وضلكوت، وحديقة عامة في نيابة شهب أصعيب بتكلفة تتجاوز مليونين و850 ألف ريال عُماني، ضمن برنامج تنمية المحافظات، بهدف تعزيز المقومات الطبيعية، وتوفير مواقع جذب جديدة تُسهم في تحسين جودة الحياة وتنشيط الحركة السياحية في المحافظة.
وتتضمن هذه المشروعات إنشاء مرافق عامة ومساحات للجلوس وممرات مشاة، وإضاءة تجميلية في مواقع ذات طابع طبيعي مميز، منها إطلالات جبلية تطل على مشاهد بانورامية بحرية، مما يُعزز من استدامة الاستخدام السياحي والترفيهي لتلك المواقع، مع الحفاظ على الخصوصية البيئية والتوازن الطبيعي.
وقال مدير المديرية العامة للمشاريع والشؤون الفنية ببلدية ظفار، د. عبدالله باعوين، إنّ نسبة الإنجاز في تنفيذ مشروع إطلالة أفتلقوت بولاية صلالة تبلغ 30 بالمئة، ويتضمن تشييد استراحات وأماكن للجلوس ومطاعم وممشى، إضافة إلى أعمال التشجير ومرافق عامة للزوار في موقع جبلي مطلّ على البحر بتكلفة إجمالية تقدّر بـ 992 ألف ريال عُماني.
وأوضح أن البلدية بدأت بتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تطوير إطلالة شعت بولاية رخيوت التي تشهد توافدًا للزوار والسياح على مدار العام بنسبة إنجاز بلغت 32 بالمئة، مبيناً أن مشروع تطوير إطلالة شعت يحتوي على استراحات ومرافق عامة وأماكن للجلوس وأخرى للمشاهدة من سفح الجبل الشاهق المطلّ على بحر العرب، إضافة إلى توسعة مواقف السيارات وأعمال التشجير والتجميل بتكلفة إجمالية تتجاوز مليون ريال عُماني.
أما في ولاية ضلكوت، فأشار المدير العام إلى بدء التحضيرات لتنفيذ مشروع تطوير إطلالة ديم بالولاية تشمل مرافق عامة وأماكن للجلوس ومواقف للسيارات، إضافة إلى أرصفة مخصصة للمشي وأعمال التشجير والتجميل للموقع الجبلي المطلّ على البحر، بتكلفة إجمالية تقدّر بـ 346 ألف ريال عُماني.