وجهة نظر: شركة المحاصة مدخل الشركات الأجنبية إلى السوق الكويتي
من أبرز الأدوات القانونية التي تتيح لشركات المقاولات الأجنبية العمل في الكويت، شركة المحاصة، والتي أصبحت خياراً عملياً وشائعاً لدى العديد من الشركات الأجنبية المتحالفة مع الشركات الكويتية الكبرى.
شركة المحاصة هي نوع من الشركات التجارية المنصوص عليها في قانون الشركات الكويتي، وتعقد بين شخصين أو أكثر، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو اعتباريين، بهدف المشاركة في نشاط معين مع اقتسام الأرباح والخسائر، حسبما ورد في العقد، وتتميز بأنها شركة خفية لا تظهر أمام الغير ولا تقيد في السجل التجاري، وهي مقصورة على العلاقة فيما بين الشركاء. بلا شخصية اعتبارية ليس لها كيان قانوني مستقل. مرنة التأسيس والحل يمكن إثباتها أو إنهاؤها بجميع طرق الإثبات وعقدها من العقود الملزمة للجانبين، فيرد عليه الفسخ والبطلان إذا توافرت الشروط المقررة لأيهما.
الخصائص القانونية لشركة المحاصة أنها لا تملك ذمة مالية مستقلة، والأموال أو الحصص التي يقدمها الشركاء تظل مملوكة لهم، وشركة المحاصة لا تصفى إذا وجب فسخها، ويقدم مدير الشركة حساباً لمعرفة الربح والخسارة، ويكون كل شريك دائناً للمدير في حصته ونصيبه في الربح والخسارة.
الإدارة باسم أحد الشركاء، وعادة ما يتولى شريك مدير (كويتي الجنسية) إدارة الشركة والتعامل مع الغير، ولكنه لا يمثل الشركة قانوناً لأن تعامله مع الغير يكون باسمه الخاص، وبالتالي هو صاحب الصفة في أن توجه إليه دعوى المطالبة بالحق.
وإذا لم ينص العقد على توزيع الخسائر، فإنها تتوزع بحسب نصيب كل شريك في الأرباح. ومن حيث المسؤولية أمام الغير إذا علم الغير بوجود الشركة وقبل التعامل معها، اعتبرت شركة فعلية ويكون الشركاء متضامنين في المسؤولية.
الأصل أن المادة 23 من قانون التجارة تشترط ألا تقل ملكية الكويتيين في الشركات التجارية عن 51%، غير أن هذا الشرط لا ينطبق على شركة المحاصة لعدم وجود شخصية اعتبارية أو رأسمال مقسم بين الشركاء، لكن يجب الانتباه إلى أن الشريك المدير الذي يتعامل مع الغير يجب أن يكون كويتياً، وإلا وقع في مخالفة مباشرة لأحكام القانون التي تمنع غير الكويتي من مزاولة التجارة منفرداً.
وتفضل الشركات الأجنبية شركة المحاصة لأنها لا تحتاج إلى إجراءات تسجيل معقدة أو رأسمال معلن، وتتميز بمرونة التعاقد، حيث يمكن الاتفاق على أي نسبة من الأرباح والخسائر وفقاً لظروف المشروع، وتسهل التحالف مع الشركات المحلية الرائدة التي تملك خبرة وسابقة أعمال قوية، وشركة المحاصة تؤهلها للدخول في مشاريع مقاولات كبيرة وتجنبها القيود القانونية، ولا تخضع مباشرة لقيود الملكية الأجنبية الواردة في المادة 23.
من حيث التحديات والمخاطر قد يكون غياب الشخصية الاعتبارية أهم التحديات التي يضعف من خلالها حماية الشريك الأجنبي، ويكون الاعتماد الكلي على الشريك الكويتي لكونه المدير والمسؤول أمام الغير، والأهم صعوبة الإثبات في بعض الحالات لعدم وجود تسجيل رسمي في السجل التجاري.
لذلك يجب صياغة عقد محاصة واضح يحدد نسب الأرباح والخسائر بدقة، واختيار شريك محلي موثوق له خبرة في السوق، والنص على آليات تسوية النزاعات والتحكيم لضمان حقوق الطرف الأجنبي، ومراعاة الجوانب الضريبية والمالية مسبقاً.
وشركة المحاصة تمثل أداة قانونية مرنة وفعالة للشركات الأجنبية الراغبة في دخول السوق الكويتي، عبر تحالفات مع شركات محلية، لكنها تحمل في طياتها بعض المخاطر التي تتطلب وعياً قانونياً وصياغة دقيقة للعقود، لذا فهي خيار جذاب، لكنه يحتاج إلى إدارة واعية واستشارة قانونية متخصصة.