أوكرانيا في يوم استقلالها: صمود من أجل الحرية والسلام
في 24 أغسطس، يحتفل الشعب الأوكراني بيوم الاستقلال، الذي يُعدّ من أهم المحطات في تاريخ البلاد. فهو رمز الدولة وذكرى تجسّد الفخر بالوحدة الوطنية والإيمان بمستقبل حر وآمن وسلمي.
لكن هذه الذكرى تكتسب اليوم بُعداً عالمياً، إذ تخوض أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات حرباً للدفاع عن أرضها في مواجهة عدوان مسلّح، ولحماية القانون الدولي بما فيه من مبادئ السيادة واحترام الحدود وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي هذه المناسبة، وجّهت أوكرانيا رسالة امتنان إلى شركائها الدوليين على الدعم الذي قدموه في المجالات الإنسانية والدبلوماسية والتقنية والاقتصادية، كما خصّت بالشكر دولة الكويت على دعمها الإنساني واعترافها بوحدة أراضي أوكرانيا، إلى جانب مواقفها في إطار المنظمات الدولية.
ورغم التحديات الهائلة منذ فبراير 2022، لا سيما في حماية المدنيين وصون البنية التحتية الحيوية، تمكنت أوكرانيا من استعادة جزء كبير من قدراتها الطاقوية بعدما دُمّر أو تضرر أكثر من نصفها، وتركّز جهودها حالياً على الطاقة المتجددة وأنظمة التخزين وتوليد الطاقة المتنقّل، في إطار مواجهة استخدام الطاقة كسلاح.
كما شهدت واشنطن في 15 أغسطس مفاوضات مهمة بين الرئيس الأوكراني وعدد من القادة الأوروبيين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، تناولت الضمانات الأمنية باعتبارها نقطة انطلاق نحو إنهاء الحرب، إلى جانب قضايا إنسانية ملحّة أبرزها عودة الأطفال الأوكرانيين، والإفراج عن أسرى الحرب، وإعادة المحتجزين المدنيين بشكل غير قانوني. ومنذ اندلاع الحرب، أُفرج عن أكثر من 6400 أوكراني، في وقت تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تعرّض 95% من المحتجزين للتعذيب، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
ورغم هذه الظروف، تواصل أوكرانيا دورها كمساهم رئيسي في الأمن الغذائي العالمي، إذ توفّر منتجاتها الزراعية لأكثر من 100 دولة تطعم ما يزيد عن 400 مليون شخص. وبفضل «الممر البحري الأوكراني»، تستمر صادرات الحبوب إلى 53 دولة في أربع قارات، رغم الهجمات التي تستهدف الموانئ ومرافق التخزين والسفن التجارية، والتي تهدد بتفاقم الأزمات الغذائية في دول عدة.
وفي إطار مبادراتها الإنسانية، أطلق الرئيس فولوديمير زيلينسكي في نوفمبر 2022 مبادرة «حبوب من أوكرانيا»، التي بلغ تمويلها حتى منتصف 2025 نحو 364 مليون دولار، وأسهمت في تسليم أكثر من 307 آلاف طن من المنتجات الزراعية إلى 15 دولة في أفريقيا والشرق الأوسط، بينها سوريا وفلسطين والسودان والصومال واليمن. كما دشنت أوكرانيا في ديسمبر 2024 برنامج «الغذاء من أوكرانيا» المخصص لسوريا، حيث جرى إيصال آلاف الأطنان من دقيق القمح مع استمرار الإمدادات.
ورغم الحرب، تعمل أوكرانيا على رسم ملامح مستقبلها في مجالات الطاقة والبنية التحتية والأمن الغذائي والرقمنة، من خلال تعزيز شراكاتها الدولية.
وفي يوم استقلالها، تؤكد أوكرانيا أنها لا تدافع عن نفسها فحسب، بل عن مستقبل حر وآمن وعادل للإنسانية جمعاء.
*بقلم القائم بالأعمال في سفارة أوكرانيا لدى الكويت، ميكولا دجيدجورا