ضرورة تفعيل مستشفيات الضمان

نشر في 24-08-2025
آخر تحديث 23-08-2025 | 18:38
 بدر خالد البحر

لماذا توقف مشروع صحي استثماري اقتصادي بهذه الضخامة، خُطط له بشكل متقن من أجهزة متخصصة بشراكة بين القطاعين العام والخاص وبتقنية شريك أجنبي ليتم إدراجه كشركة في سوق الكويت للأوراق المالية؟ شيء أشبه بالحلم بعد سنوات من الركود الحكومي الاقتصادي. مشاريع كنا نأمل لعقود أن تتحقق بنفس الوتيرة في عدة قطاعات كالتعليم والطاقة والنفط. تابعنا هذا المشروع لسنوات، وكنا نعدّ لكتابة هذا المقال منذ أشهر مع طرح جديد لإعادة هيكلة التركيية السكانية، غير أن فتح الحدود لزيارة الوافدين بشكل غير مسبوق دون القيود المعهودة كان سبباً كافيا للنشر، وخصوصاً بعد قرار وزير الصحة الأخير (199/2025)، مشكوراً، بعدم شمول خدمات الوزارة الصحية للقادمين حَمَلة التأشيرات المؤقتة والزيارة، والذي برأينا يجب أن يشمل حتى الخليجيين ممن لا يحملون بطاقات مدنية. ولك أن تتخيل - عزيزي القارئ - أن هذا القرار الذي سعدنا جميعاً بإصداره لمنع زحام الزائرين لنا بمستشفياتنا المكتظة أصلاً، ما كان له داعٍ لو كانت منظومة مستشفيات الضمان تم تشغيلها منذ سنوات.

معالي نائب الرئيس فهد اليوسف، إن شركة مستشفيات الضمان تعد الأولى من نوعها بالمنطقة، وهي تطور استراتيجي في الفكر الحكومي ينقل الدولة إلى مرحلة جديدة في إشراك القطاع الخاص بمشاريع حقيقية وفق أسس عالمية، تحت إشراف الهيئة العامة للاستثمار كشريك رئيسي عالي الكفاءة، وبمساهمة «التأمينات الاجتماعية»، ودخول المواطنين ضمن اكتتاب عام ليكونوا شركاء في التنمية.

إنها في الحقيقة نقلة نوعية رائعة لا تنعش الاقتصاد والبورصة فحسب، بل ستخفف العبء عن الخدمات الحكومية بمستشفيات صار ينتظر فيها المواطن شهوراً للحصول على موعد تخصصي بسبب زحام الوافدين. ولكن يأتي السؤال الأكبر والأهم الذي وضعنا في حيرة كما وضع مديرين وأطباء في مستشفيات حكومية في حيرة أيضاً وهم يحاولون توقّع الاحتياجات المستقبلية، وهو: هل ستفعل مستشفيات الضمان قريباً ليتم الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الفعلية لعدد الأسرَّة والطاقم الطبي المطلوب العام القادم بعد انتقال نحو مليوني وافد من حَمَلة المادة 18 كشريحة رئيسية لتلك المستشفيات؟ ولماذا توقفت آخر خطوة رغم جاهزية طرح الاكتتاب العام؟! لماذا توقفت رغم الانتهاء من بناء المستشفيات وتجهيزها في ديسمبر 2022 وفبراير 2023 بعد سنوات من العمل الجاد والمكلف بمحافظتَي الأحمدي والجهراء لتقديم رعاية صحية متكاملة عالية الجودة وتديرها شركة عالمية متخصصة؟! لماذا توقفت رغم قدرتها على توفير فرص عمل لكفاءات وطنية وخبرات أجنبية، لأكثر من ثمانمئة طبيب بالمستشفيين، ونصف هذا العدد لمراكز الرعاية الصحية الأولية، وألف وخمسمئة من طاقم التمريض، ضمن منظومة نقترح أن يتم فيها إشراك المستشفيات الخاصة في حال ازدياد الضغط على مستشفيات الضمان مع رقابة خدماتها حتى لا تستعر برفع الأسعار والتمادي بإجرات طبية غير مطلوبة، كما فعلها بعضها أيام «عافية»، طبعاً مع فرض التأمين الصحي على الوافدين؟

معالي نائب الرئيس، إنه رغم كل ما قيل لسنوات، سواء ما صرح به وزير سابق بأن بعض المسؤولين بوزارة الصحة وقفوا حجر عثرة لمنع تشغيل مستشفيات الضمان، أو ما ورد في تصريحات عبر صحف عن وجود حزمة مخالفات وشبهات فساد متعلقة بالتشغيل أو بالاكتتاب، فإننا اليوم في حقبة عهد الحزم التي، بعونه تعالى، قادرة على إزالة كل العوائق ليتمكن هذا الصرح من النهوض، يا بوفيصل، بدءاً بإعلان الاكتتاب العام في أسرع وقت وتشغيل شركة مستشفيات الضمان وتفعيل منظومتها.

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top