رياح وأوتاد: الفتاوى الناقصة أو غير المكتملة تخدم العدو

نشر في 24-08-2025
آخر تحديث 23-08-2025 | 20:09
 أحمد يعقوب باقر

في 24 أغسطس 2020 كتبت مقالاً بعنوان «البديع في شروط فتاوى الصلح والتطبيع»، لتوضيح أن ما يُنقل عن موافقة الشيخ ابن باز على التطبيع غير صحيح، وأن الشيخ - يرحمه الله - قد وضع شروطاً واضحة للهدنة مع العدو، التي تسمّى «صلحاً» في التعبير الشرعي، مثل صلح الحديبية، وليست تطبيعاً، وأن من الشروط الذي ذكرها أنه «لا يجوز إلا للضرورة، وأنه لا بُد أن يحقق مصلحة للمسلمين ويدفع الشر عنهم»، وهو «لا يستلزم ترك العداوة مع العدو»، وأنه «يُعقد إما محدد المدة أو غير محدد المدة، وعلى المسلمين أن يعدوا العدّة لإنهاء غير محدد المدة، وينبذوا للأعداء عهدهم»، و«على المسلمين وجوب جهاد اليهود حتى يخرجوا من بلاد المسلمين»، و«لا يجوز تمليك العدو أملاك المسلمين تمليكاً دائماً»، وهكذا يتبين أن هذه الشروط كلها مناقضة للتطبيع الذي يُفرض اليوم.

ومثل فتوى ابن باز تعرضتْ فتاوى الألباني لسوء الفهم والاستغلال السياسي في الحرب على غزة، وصُورت على أنها توجب الهجرة منها الآن، وهذا يحقق هدف الصهاينة وخطط نتنياهو، وقد قام تلميذ الألباني، الشيخ محمد شقرة، بجمع فتاوى الألباني، وتبين أن فيها تفصيلات مهمة، أذكر منها بتصرُّف: «إن الهجرة تجب عندما يضطر المسلم ولا يستطيع إظهار دينه فينقلب على عقبيه»، و«إن الهجرة من قرية إلى قرية داخل القطر الواحد أولى من الهجرة من بلد إلى بلد»، و«إن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة».

واشترط الشيخ «أن تكون الهجرة لإعداد العُدّة والكرّة على العدو وليست الهجرة الأبدية وترك الأرض للعدو».

وبذلك يتبين أن الهجرة عند الألباني بعيدة كل البعد عن الهجرة من غزة التي يُروَّج لها اليوم، وهي وسيلة لتحقق الجهاد، وتتفق تماماً مع فتوى ابن باز.

وهناك أيضاً من أساؤوا فهم موقف ابن تيمية في رده على أهل البدع، فشنّوا الهجوم اللفظي على المقاتلين المسلمين في فلسطين أثناء اعتداء الكفار عليها وإبادة المسلمين فيها، وفاتهم أن ابن تيمية يقول في مجموع الفتاوى 231/28: «المسلم وإن كان مبتدعاً أو فاسقاً، لا يجوز أن يُعان الكفار والظلمة على أذاه، بل يُعان على الكفار بحسب الإمكان، ويُنصح ويُبيّن له الحق»، وقال أيضاً في «540/28»: «وكذلك لما قدم التتار إلى الشام وأرادوا دخول دمشق اجتمع الناس إليّ فقلت لهم: إنكم في هذه الحال لا يسوغ لكم أن تختلفوا، بل يجب عليكم أن تتعاونوا على دفع العدو الكافر، فإن ذلك من أعظم الواجبات، وأما هذه الأمور الجزئية فيجب عليكم أن تؤجّلوها حتى يندفع العدو، فإذا اندفع العدو، فالأمر يعود إلى ما كنتم عليه»، وفي «431/3»، قال «ولهذا كان الكفار الذين يغزون المسلمين يجب دفعهم بحسب الإمكان، فيجتمع المسلمون كلهم لدفع الصائل، ولا يجوز أن يُترك لأجل بدعة أو معصية وقعت بينهم، فإن مصلحة دفع العدو الكافر أعظم من مفسدة بقاء المختلفين».

ولذلك، فإن علينا فهم الفتاوى ونشرها مع الإحاطة بكامل أركانها، لكي لا يستفيد العدو الصهيوني من سوء فهمها.

back to top