الصين تحدّث شيتسانغ وتعزز نفوذها الإقليمي وتكشف ترسانتها المتطورة في يوم النصر
في أجواء احتفالية لافتة عكست التماسك بين مختلف القوميات الصينية، أكد الرئيس شي جين بينغ، أمس، أن منطقة شيتسانغ الذاتية الحكم ماضية نحو بناء نموذج حديث يعكس الوحدة والازدهار والتناغم، وذلك خلال مشاركته في احتفالات الذكرى الـ 60 لتأسيس المنطقة.
ومع انطلاق احتفالات تأسيس شيتسانغ، حظي شي والوفد المرافق له باستقبال شعبي واسع في العاصمة لاسا، ولوّح الأهالي بالأعلام الحمراء، وقدموا وشاح «هادا» التقليدي رمزاً للاحترام.
وأكد شي أن مستقبل شيتسانغ سيكون أكثر إشراقاً بفضل سياسات التنمية المتوازنة التي تضع الإنسان في صلب أولوياتها، داعياً إلى تعزيز التحضر والنهضة الاقتصادية مع الحفاظ على الهوية الثقافية والبيئية للمنطقة.
في موازاة الاحتفالات، أعلنت بكين تنظيم عرض عسكري ضخم في ميدان تيانانمن يوم 3 سبتمبر المقبل، بمناسبة الذكرى الـ 80 للانتصار في الحرب العالمية الثانية. وسيكشف الجيش الصيني عن جيل جديد من الأسلحة المتطورة، من بينها مقاتلات الجيل الرابع، وصواريخ فرط صوتية، وأنظمة دفاع جوي متقدمة.
وأوضح الضابط الكبير في هيئة الأركان المشتركة، وو تسه كه، أن جميع الأسلحة محلية الصنع وتتمتع بقدرات عالية على التكيف مع متطلبات حروب المستقبل، بما يعكس الطفرة التكنولوجية التي حققتها الصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة والطاقة الموجهة.
غير أن المسؤولين شددوا على أن العرض ليس استعراضاً للقوة، بقدر ما هو رسالة واضحة للعالم بأن الصين متمسكة بالسلام وستدافع عن الإنصاف والعدالة الدوليين. فبحسب المتحدث العسكري، فإن النصر الذي تحقق قبل 8 عقود «كان انتصاراً للنور على الظلام وللعدالة على العدوان»، واليوم تواصل بكين هذه الرسالة عبر تعزيز قدراتها الدفاعية لحماية الاستقرار العالمي.
على الصعيد الخارجي، تواصل الصين تعزيز موقعها المحوري في آسيا الوسطى وجنوب آسيا، فقد شارك وزير خارجيتها، وانغ يي، في قمة ثلاثية مع نظيريه الباكستاني محمد إسحاق دار، والأفغاني أمير خان موتقي، في كابول، ركزت على التعاون السياسي والاقتصادي، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية والتبادل التجاري ومكافحة الإرهاب. كما بحث الجانبان انضمام أفغانستان رسمياً إلى مبادرة «الحزام والطريق»، مما يفتح الباب أمام استثمارات ضخمة في قطاع التعدين والطاقة.
وفي موازاة ذلك، اتفقت بكين ونيودلهي على استئناف الرحلات الجوية المباشرة «في أقرب وقت ممكن»، في خطوة تعكس تحسناً ملحوظاً في العلاقات بعد سنوات من التوترات الحدودية. ومن المرتقب أن يزور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الصين نهاية الشهر، للمشاركة في قمة شنغهاي للتعاون، في أول زيارة له منذ 2018، مما يشير إلى انفتاح متبادل على بناء جسور الثقة وتعزيز الروابط الاقتصادية.
وتتزامن هذه التحركات مع مُضيّ بكين في تحديث جيشها واقتصادها بوتيرة متسارعة، إذ أقرت في مارس الماضي زيادة بنسبة 7.2 بالمئة في ميزانيتها الدفاعية، بالتوازي مع توسيع مشاريعها التنموية الداخلية. وبينما تشدد القيادة الصينية على تحديث مناطقها الذاتية الحكم، مثل شيتسانغ والتبت، فإنها توازن بين النمو الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبيئي، لتجعل التنمية شاملة ومستدامة.
ويرى محللون أن الاستراتيجية الصينية تقوم على 3 ركائز مترابطة: أولاً تعزيز الوحدة الوطنية والتنمية الداخلية، ثانياً إظهار قوة عسكرية رادعة، لكنها موجهة لحماية السلام، وثالثاً تكثيف الدبلوماسية الاقتصادية والانفتاح على الشركاء الإقليميين والدوليين.
في ضوء ذلك، يظهر أن الصين تتحرك بثقة نحو ترسيخ مكانتها كقوة عالمية مسؤولة، تجمع بين التنمية الداخلية والرسائل الداعمة للاستقرار العالمي. وفي الوقت الذي تسعى قوى دولية إلى فرض سياسات أحادية، تطرح بكين خطاباً يقوم على العدالة والتعاون، لتجعل من القرن الحادي والعشرين «قرناً صينياً» بامتياز.