المعلن والمستور في قمة ألاسكا
عادت قاعدة المندروف ريتشاردسون المشتركة إلى دائرة الاهتمام الدولي خلال هذا الأسبوع، بسبب اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي ترامب والروسي بوتين قبل عدة أيام، حيث استضافت المندروف، وهي قاعدة أميركية في ألاسكا، عرفت بموقعها الاستراتيجي ذي الإطلالة على الممرات الجوية القادمة من القطب الشمالي والمحيط الهادي، الى جانب قربها من آسيا وأوروبا معاً.
استضافت القاعدة قمة ألاسكا التي جمعت الرئيسين، وأعاد اللقاء عبر وسائل الإعلام أحداثاً تاريخية إلى عام 1940، أي قبل الحرب العالمية الثانية، لتبقى شاهداً وسط تصاعد التوترات العالمية.
أما خلال الحرب الباردة، فقد استخدمت القاعدة كنقطة لمراقبة المجال الجوي في مواجهة الاتحاد السوفياتي، فتصبح بذلك منطقة المعلن والمستور فيما يخصّ التوترات العالمية.
• مَن يستحق لقب صانع السلام؟ القمة هي الأولى منذ عودة الرئيس الأميركي الى البيت الأبيض، وقد ابتدأت بلقاء قصير بين الرئيسين في السيارة الرئاسية، تبعتها مفاوضات شاركت بها الوفود (وفدان) ومؤتمر صحافي مقتضب، أشاد من خلاله القائدان بنجاح الجهود، من دون ذكر تفاصيلها.
فمن ناحية، خرجت الصحف الروسية محتفلةً بخروج روسيا من عزلتها واستعادتها السيطرة على وتيرة المفاوضات، ومن ناحية أخرى وصفت الصحف الأوروبية القمة بحالة من انعدام النجاح والفشل معاً.
أما الصحف الأميركية، فقد اتجه تركيز وسائل الإعلام الى المظهر ولغة الجسد والسجادة الحمراء والإخراج الذي وُصف بالسينمائي الذي يصب في اتجاه سعي ترامب للحصول على جائزة السلام، كصانع للسلام.
• ترحيب خليجي: رحبت دول مجلس التعاون الخليجي بـ «قمة ألاسكا»، مبدية ارتياحها الذي جاء من منظور الدعم الخليجي للجهود التعاونية، ولتعزيز السلام الدولي بشكل عام ولحلّ الأزمات بشكل خاص.
• إنقاذ أوكرانيا أم خروج الدب الروسي من العزلة؟ أوكرانيا، التي حصلت على استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، ثم دخلت في عصر التأرجح بين السعي إلى أوروبا الغربية والتطلع إلى الحماية الأمنية من حلف شمال الأطلسي، وفي الوقت ذاته تقاوم الانجرار إلى روسيا.
أما روسيا، فوفقاً لوزير الخارجية الأميركي الأسبق، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، هنري كيسنجر، في إحدى مقابلاته: «روسيا ترى في استقلال أوكرانيا وصول أوروبا إلى مشارف حدودها»... ومع تتابع حكومات أوكرانيا الموالية للغرب، فقد عزز ذلك رغبتها بالهوية الأوروبية المستقلة.
وأخيراً وليس آخراً، لا شك في أن المشهد الذي وصفه البعض بالاستعراضي، قد استهلك السياسة الدولية والجهود الدبلوماسية، معززاً تعثّر محاولات الدول الأوروبية في إبعاد روسيا عن دوائر صنع القرار الدولية، وإعادة النظر في مقياس تعامل إدارة ترامب مع الحلفاء الأوروبيين من جهة، وضبط العلاقات مع موسكو من جهة أخرى، فهل بعد ذلك سيشهد العالم انفراجة في قضية أوكرانيا؟ وماذا عن القضايا الأخرى الساخنة كالإبادة المستمرة في غزة؟ أم أن الضمير الدولي قد أصبح بارداً كبرودة ألاسكا؟
وللحديث بقية...