مصر ترمم آثار مدينة عتيقة في أرض الفيروز
• «الفرما» شاهدة على التاريخ منذ زمن الفراعنة مروراً بالرومان والبيزنطيين
تحت وهج شمس سيناء الدافئة، تتنفس آثار مدينة الفرما بإطلالة تُعيد لها وجهها ووهجها الحضاري، حيث جرى كتابة تاريخ مصر الحجري عبر مشروع ترميم طموح يجمع بين الدقة العلمية والرؤية الحضارية، لتتحوَّل هذه البقعة الأثرية الفريدة في أرض الفيروز إلى شاهدٍ حي على عظمة الماضي وإرادة الحاضر.
في مشهدٍ يختزل عبقرية المكان، يقف فريق الترميم أمام أسوار قلعة الفرما العتيقة، التي تمتد على مساحة 80 ألف متر مربع. هذه الأسوار التي شهدت فصولاً من التاريخ منذ العصر الفرعوني، مروراً بالحقبتين الرومانية والبيزنطية، تكتسي اليوم بحلةٍ جديدة تحفظ أصالتها مع ضمان بقائها للأجيال القادمة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود مصر لتنمية سيناء - البوابة الشرقية لبلد الأهرامات - مع دور مهم تقوم به وزارة السياحة والآثار، ممثلة بالمجلس الأعلى للآثار، في حماية وصون التراث الحضاري المصري، حيث تم الانتهاء من أعمال ترميم وصيانة عددٍ من المنشآت الأثرية بمدينة الفرما التاريخية بمحافظة شمال سيناء، ضمن خطة مشروع تنمية سيناء.
وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، أكد أن هذا المشروع يأتي في إطار رؤية الدولة المصرية لتطوير المواقع الأثرية في سيناء، كجزء من مشروع تنمية شاملة يعزز من مكانة أرض الفيروز التاريخية والسياحية، والحفاظ على تراث مصر الحضاري.
موقع أثري تاريخي
فيما ذكر الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد خالد، أن أعمال الترميم جاءت انطلاقاً من أهمية مدينة الفرما كموقع أثري وتاريخي بارز، أدى دوراً محورياً في فترات مختلفة من التاريخ المصري، مؤكداً أن المشروع يُسهم في الحفاظ على المكونات المعمارية الفريدة للموقع، وإبراز قيمته الأثرية والتاريخية، ودمجه ضمن مسارات التنمية المستدامة بسيناء.
قلعة وكنائس
من جانبه، أوضح رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، محمد عبدالبديع، أن أعمال الترميم شملت تدعيم عددٍ من العناصر الأثرية المهمة داخل مدينة الفرما، من أبرزها أسوار وأبراج قلعة الفرما، وبواباتها، التي تمتد على مساحة تُقدَّر بنحو 80 ألف متر مربع، إضافة إلى بقايا مبنى الشيوخ من العصر الروماني، والحمَّام الجنوبي الروماني، وأطلال الكنيسة الغربية ذات الطراز الروتندا، التي تُعد من الأنماط المعمارية النادرة في العمارة المسيحية من القرن الخامس الميلادي، إلى جانب الكنيسة الجنوبية، التي تُعد من أبرز الكنائس الأثرية بالمدينة. كما شملت الأعمال الترميم الدقيق للأعتاب المنقوشة المكتشفة بمعبد زيوس كاسيوس، ضمن خطة متكاملة للحفاظ على الملامح الفنية والمعمارية للموقع.
تحليلات دقيقة
من جانبه، قال مدير الترميم في شمال سيناء، عبدالله سكر، إن أعمال الترميم جرى تنفيذها وفقاً لأحدث الأساليب العلمية للحفاظ على أصالة كل حجر، حيث تم إجراء فحوص وتحليلات دقيقة لمواد البناء الأصلية، لضمان استخدام مواد متوافقة تحافظ على الطابع الأثري والأصالة المعمارية لكل عنصر أثري.