الإضرابات تشل إسرائيل ولا توقف إطلاقَها «جدعون 2»
• نتنياهو يخوّن المتظاهرين وأهالي الأسرى... وزامير يهدد بتوسيع الحرب باتجاه إيران
شارك نحو مليون يهودي في احتجاجات وإضرابات عمالية وأكاديمية واسعة شلّت إسرائيل، أمس، بهدف الضغط على الائتلاف المتطرف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو لإبرام صفقة إطلاق سراح المحتجزين في غزة ووقف الحرب التي اشترط أن تنتهي باستسلام حركة حماس ونزع سلاح القطاع وفرض سيطرته عليه.
وشهدت إسرائيل موجة الاحتجاجات والاضطرابات الأكبر منذ بدء الحرب، وشملت تظاهرات في أكثر من 350 موقعاً وإغلاق عشرات الطرق الرئيسية في المدن الكبرى، بما في ذلك تل أبيب وحيفا وبئر سبع. ورفع المحتجون شعارات تطالب بعدم التضحية بالأسرى وإعادتهم إلى ذويهم، وذلك بعد حوالي عامين من خطفهم.
ودعا المتظاهرون الحكومة إلى إنهاء الحرب في غزة على الفور، والتوسط في اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وعددهم نحو 22، والتراجع عن قرارها الأخير بتوسيع عملياتها العسكرية في مدينة غزة مركز القطاع الذي يحمل الاسم نفسه.
صدام وانقسام
ومع زيادة حدة الانقسام، هاجمت شاحنة متظاهرين عند تقاطع كابلان/ دافنشي في تل أبيب في حادثة غير عادية.
وبينما خاطب الرئيس يتسحاق هرتسوغ «الرهائن في أنفاق غزة» من ساحة الرهائن، قائلًا: «إننا لن ننساكم لحظة، ونبذل قصارى جهدنا لإعادتكم»، هاجم نتنياهو المحتجين، متهما إياهم بمساعدة «حماس». وقال نتنياهو إن «من يدعو اليوم لإنهاء الحرب دون التخلص من حماس يعزز موقفها ويُبعد تحرير الأسرى ويضمن تكرار 7 أكتوبر».
وأضاف أن «سيطرتنا الأمنية المستمرة على غزة هي أحد شروطنا لإنهاء الحرب والتي ترفضها حماس»، مضيفاً «مصرون على نزع سلاح حماس، وسننزع سلاح القطاع على المدى الطويل، من خلال العمل ضد أي محاولة للتسلح». وتابع: «حماس تطالب بعكس شروطنا، وتريد أن ننسحب من القطاع ومن محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة». وجدد رئيس الائتلاف الحاكم تمسّكه بإبرام صفقة شاملة وفقا لشروطه.
وفي حين توالت الانتقادات التي وجّهها العديد من الوزراء ليوم الإضراب والقائمين عليه، بوصفه محاولة لتكرار الضعف الذي تسبب بهجوم السابع من أكتوبر، هاجم زعيم المعارضة، يائير لابيد، انتقادات الوزراء، وقال: «الرسائل الحقيرة لوزراء الحكومة تتهم المضربين والمتظاهرين بمساعدة حماس. وتساءل: ألا تخجلون؟ لم يعزز قوة «حماس» غيركم. لقد نقلتم لهم عشرات الملايين من الدولارات في حقائب».
في غضون ذلك، كثفت إسرائيل قصفها المتواصل على قطاع غزة، مما تسبب في مقتل 58 فلسطينيا، من بينهم 24 من منتظري المساعدات، فيما أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، أنه سيتم إطلاق المرحلة الثانية من عملية «عربات جدعون» في مدينة غزة قريباً.تنديد فلسطيني بموجة جديدة من الإبادة والتهجير مع إدخال خيام ومعدات لنقل السكان
وقال زامير: «نصادق اليوم على خطة المرحلة القادمة في الحرب. وكما كان في العمليات العسكرية الأخيرة، في إيران واليمن ولبنان ويهودا والسامرة وغزة، فإننا سنستمر في تغيير الواقع الأمني»، مضيفاً: «سنحافظ على زخم عربات جدعون من خلال التركيز على مدينة غزة. وسنواصل الهجوم حتى هزيمة حماس، فيما المخطوفون أمام أنظارنا».
وتابع: «سنعمل بموجب استراتيجية ذكية ومدروسة ومسؤولة. وسيستخدم الجيش قدراته في الجو والبحر من أجل استهداف حماس بقوة بالغة».
وألمح زامير إلى توسيع الحرب في المنطقة مجدداً، وقال إن «المعركة الحالية ليست موضعية، وهي دعامة أخرى في خطة طويلة المدى ومخطط لها، من خلال رؤية متعددة الجبهات لاستهداف جميع مُركبات المحور، وفي مقدمتها إيران».
وفي موازاة ذلك، ذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه يستعد لتوفير خيام ومعدات أخرى وإدخالها عبر معبر كرم أبوسالم إلى جنوب القطاع، تمهيداً لخطته لنقل السكان من مناطق القتال الحضرية بمدينة غزة شمال القطاع إلى جنوبه «لضمان سلامتهم»، مع انطلاق العملية الواسعة.
تحذيرات فلسطينية
على الجهة المقابلة، وصفت «حماس» خطط إسرائيل الجديدة لنقل سكان مدينة غزة بأنها «موجة جديدة من الإبادة الوحشية وعمليات التهجير الإجرامي» لمئات الآلاف.
وقالت: «الحديث عن إدخال خيام إلى جنوب القطاع تحت عناوين الترتيبات الإنسانية يعد تضليلاً مفضوحاً»، مضيفة: «تترافق خطوات ومحاولات نتنياهو وحكومته لتهجير شعبنا واقتلاعه من أرضه مع الكشف الصريح عن نواياه الحقيقية بإقامة ما يسمّى بإسرائيل الكبرى».
في موازاة ذلك، اعتبرت منظمة التحرير أن إعلان الاحتلال إدخال خيم ومعدات لتجميع النازحين من مدينة غزة «ليس سوى غطاء لمجزرة أكبر وحشر أبناء الشعب الفلسطيني في أقل من 12 بالمئة من مساحة القطاع». وحذّر رئيس المجلس الوطني، روحي فتوح، من تورط أي مؤسسة دولية لتسهيل النزوح والتهجير فيما يسمى إنشاء مناطق إنسانية على الساحل أو في رفح (حزام ميراج الأمني)، لما يمثله ذلك من شراكة في مؤامرة التهجير.
وشدد على أن ما يجري في غزة «لا ينفصل عن الجرائم المتواصلة في الضفة الغربية ومدينة القدس متمثلة في الاعتقالات والتوغلات واعتداءات المستعمرين ومشاريع التهويد والاستيلاء على الأراضي، في إطار سياسة ممنهجة للتطهير العرقي لطرد الفلسطينيين وتجريدهم من حقهم في الحياة والكرامة».
رفض مصري
في السياق، أكدت وزارة الخارجية المصرية أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ ما تردد حول وجود مشاورات إسرائيلية مع بعض الدول لقبول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أراضيهم، في إطار سياسة إسرائيلية مرفوضة تستهدف إفراغ الأراضي الفلسطينية من أصحابها واحتلالها، مشددة على أن مصر لن تقبل بالتهجير، ولن تشارك به باعتباره ظلماً تاريخياً لا مبرر أخلاقي أو قانوني له، ولن تسمح به باعتباره سيؤدي حتماً إلى تصفية القضية الفلسطينية».
جاء ذلك في وقت اجتمع وسطاء مصريون وقطريون مع ممثلي «حماس» وفصائل فلسطينية بالقاهرة، لبحث سبل التوصل إلى اتفاق لوقف القتال وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.