اتساع مفهوم الموظف العام وإمكانية استيعابه صفات وظيفية جديدة مستقبلاً

• قراءة في مشروع تعديل قانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة

نشر في 17-08-2025 | 18:10
آخر تحديث 17-08-2025 | 20:50

د. محمد بوزبر أستاذ القانون الجنائي في كلية الحقوق والمحامي في «أركان» للمحاماة
د. محمد بوزبر أستاذ القانون الجنائي في كلية الحقوق والمحامي في «أركان» للمحاماة

مضى على إقرار قانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة أكثر من 30 عاماً، وتعرض هذا القانون للعديد من محاولات التعديل التي لم تنجح، حتى جاء مشروع «الفتوى والتشريع» في عام 2025 ليلقي بظلاله حول مدى تقبّل هذا القانون بنصوصه المشددة في ظل التوجه نحو جعل الكويت مركزاً مالياً اقتصادياً.

حيث بالاطلاع على القانون القائم لسنة 1993، جاءت المادة 2 وحددت ما يعتبر مالاً عاماً، وتلك المادة لم ترد عليها أية تعديلات في المشروع الجديد، وظلت قائمة دون تعديل، بالتالي فإن المقصود بالمال العام ظل قائماً كما هو ومنه الشركات والجهات والمؤسسات الخاصة التي تمتلك أو تساهم الدولة فيها بنسبة لا تقل عن 25% برأسمالها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

أما المادة 3 من القانون القائم فنصت على أنه يعد في حكم الموظف العام في تطبيق أحكام هذا القانون الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 43 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار إليه.

ومؤدى ذلك أن المشرع في القانون القائم قد أسبغ الحماية بالتساوي بين المال العام والوظيفة العامة ذاتها أو ما في حكمها، من خلال اعتبار القائم عليها في حكم الموظف العام.

فعلى سبيل المثال، فإن الحارس القضائي ليس موظفاً عاماً لكنه في حكم الموظف العام، بالتالي فإن المال المسلم إليه لحراسته إن كان مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد العاديين بنسبة 100% تحول إلى مظلة حماية قانون حماية الأموال العامة باعتباره القائم عليه في حكم الموظف العام.

ونصّت ذات المادة السابقة على استبدال عبارة «موظف عام ومن في حكمه» بعبارة «موظف عام أو مستخدم أو عامل» أينما وردت في القانون رقم 1 لسنة 1993 المشار إليه.

ومؤدى هذا التعديل اتساع مفهوم الموظف العام وإمكانية استيعابه صفات وظيفية جديدة مستقبلاً، حيث إن النص الجديد، نجد صداه في تعديل المادة 3 التي وإن كان ظاهرها لم يأتِ بأي تعديل إذ إن نصها هو ذات نص المادة 43 من القانون رقم 31 لسنة 1970 لكن مع ربط نص المادة 3 المادة الأولى من المشروع سوف يتضح اتساع مفهوم الموظف العام باعتبار أن كل الشركات والمؤسسات التي تساهم فيها الدولة بأي نصيب في حكم الموظف العام، بمعنى أنه موظف عام، بالتالي سوف تخضع هذه الوظيفة لحماية قانون حماية المال العام وخصوصاً المادة 14 من القانون رقم 1 لسنة 1993 وقانون 2 لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وإقرارات الذمة المالية بالنسبة لصفة مدير وما فوق.

وذلك أنها لم تقصر التجريم بما يعتبر مالاً عاماً بل قصره على الموظف العام بالتالي أي قرار من شأنه يؤدي إلى الإضرار بمال الشركة التي تساهم فيها الدولة بأي نصيب كان يخضع لحكم تلك المادة، التي تصل إلى حد الحبس الذي لا تقل مدته عن 3 سنوات والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف دينار، وعلى الموظف في القطاع الخاص بعد إسباغ وصف الموظف العام عليه.

كما أن المادة 12 من المشروع أخضع الموظف العام «حسب التعريف السابق» إلى جريمة الرشوة بغضّ النظر عما إذا كان المال عاماً «نسبة 25% مملوكة للدولة من عدمه»،

طالما أنه يخضع لحكم الموظف العام، ومن ثم قيام أي موظف في القطاع الخاص (بنك أو شركة) تساهم فيها الدولة بأي نسبة وتحصل لنفسه أو غيره على منفعة أو مال يعتبر مرتكباً لجريمة الرشوة.

وتلك الإشكاليات الناتجة عن عدم ربط التعديلات بالمقصود بالمال العام يثير اللبس والغموض حول آلية إنفاذ القانون ووضع كافة العاملين بالقطاع الخاص الذي تساهم فيه الدولة بأي قدر تحت مظلة قانون حماية الأموال العامة بما يحد من استقلالية القطاع الخاص ويثير إحجاماً متوقعاً عن التعاون مع المؤسسات والجهات الحكومية بما يضر بالتعاون بين القطاع الخاص والقطاع العام.

وبجانب آخر... إن إقرار المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية يحمل توسعاً ملحوظاً ومؤثراً بالعلاقة بين القطاعين الحكومي والخاص، إذ سيؤدي إلى تحمّل فئة المساهمين في القطاع الخاص تبعة ارتكاب موظف تابع هذه المسؤولية.

وعليه، نرى ضرورة ربط التعديلات أياً ما كانت وقصرها على الجهات المنصوص عليها في المادة 2 من قانون حماية الأموال العامة حصراً، وعدم صياغتها في شكل عام بحيث يكون النص على الموظف العام لدى إحدى الجهات المشار إليها في المادة الثانية من القانون، وبذلك تتم إزالة اللبس في تطبيق التعديلات بحيث يخرج عن نطاقها الموظفون العاملون في القطاع الخاص والذي تساهم فيه الدولة بأقل من 25% من رأسماله.

* أستاذ قانون جنائي بكلية الحقوق ومحامٍ في «أركان للمحاماة»

back to top