مراقب الالتزام... صمام الأمان في المؤسسات المالية والتجارية

• تحدٍّ جديد يواجه مؤسسات الدولة والشركات في مكافحة غسل الأموال

نشر في 18-08-2025
آخر تحديث 17-08-2025 | 17:57
د. فايز الفضلي الرئيس التنفيذي في مكتب أركان للمحاماة والاستشارات القانونية     
د. فايز الفضلي الرئيس التنفيذي في مكتب أركان للمحاماة والاستشارات القانونية     
في عالم تتسارع به حركة الأموال عبر الحدود، وتتطور فيه أساليب الجريمة المالية بوتيرة لا تقل سرعة، تقف دولة الكويت في الصفوف الأمامية للجهود الدولية الرامية إلى حماية النظام المالي من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

فالأمر لم يعد خياراً أو استجابة عابرة لضغوط خارجية، بل بات جزءاً من استراتيجية وطنية تهدف إلى حماية الاقتصاد، والحفاظ على الثقة الدولية، وتفادي الانزلاق إلى قوائم المراقبة المشددة التي قد تكلف الدولة سمعتها ومكانتها.

الالتزام الدولي لدولة الكويت في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

تعد دولة الكويت شريكاً فاعلاً في الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، انطلاقاً من التزامها بالمعايير العالمية الرامية إلى حماية النظام المالي والاقتصادي. هذا الالتزام ينعكس في عضويتها بالعديد من الهيئات والاتفاقيات الدولية، وسعيها المستمر إلى تعزيز إطارها القانوني والتنظيمي.

الكويت عضو في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، وهي أيضاً عضو في مجلس التعاون الخليجي، الذي يعد بدوره عضواً في مجموعة العمل المالي (FATF).

كما وقعت الكويت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لعام 1988، وتلتزم بتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF) والمعايير الدولية فيما يتعلق بإجراءات «اعرف عميلك»، وتعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة بالإرهاب وتمويله.

كما تخضع الكويت لتقييمات متبادلة من قبل هيئات دولية، مثل مجموعة العمل المالي (FATF)، التي تُجرى لتقييم مستوى الامتثال لتوصيات مجموعة العمل المالي الأربعين ومستوى فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الكويت.

وتهدف هذه التقييمات إلى تحديد أوجه القصور ومعالجتها، ومنع إدراج الكويت في «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي، والتي تضم الدول الخاضعة لمراقبة مشددة بسبب ضعف إجراءاتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

إن الهدف الأسمى للكويت هو تعزيز دفاعاتها التنظيمية وبنيتها الرقابية، وإعادة بناء الثقة الدولية، وتجنب أي إدراج في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، من خلال إظهار إصلاحات ملموسة وعالية التأثير تتماشى مع التوقعات العالمية، ويشمل ذلك تعزيز الرقابة على قطاعات، مثل شركات الصرافة والعقارات وتجار الذهب والمعادن الثمينة، التي تعتبر قطاعات متوسطة إلى عالية المخاطر.

إلزام تعيين مراقب الالتزام في الكويت يستند إلى إطار قانوني وتنظيمي متكامل يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في المعاملات المالية

1 - ماهية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

تعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عملاً وجهداً عالمياً ومحلياً يهدف إلى حماية الأنظمة المالية والاقتصادية من الاستغلال في الأنشطة الإجرامية.

في دولة الكويت، تُعرف جريمة غسل الأموال بأنها أي فعل يتضمن إخفاء أو تحويل أو حيازة أموال، مع العلم بأنها متحصلة من جريمة تخالف أنظمة الدولة أو بقصد إخفاء مصدرها غير المشروع أو التمويه عنه. أما تمويل الإرهاب فيشير إلى توفير أو جمع الأموال بقصد استخدامها في أعمال إرهابية.

تُعاقب القوانين الكويتية على هاتين الجريمتين بأشد العقوبات، نظراً لخطورتهما على الأمن الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

2 - الأساس القانوني لإلزامية تعيين مراقبي الالتزام

يستند إلزام تعيين مراقب الالتزام في الكويت إلى إطار قانوني وتنظيمي متكامل، يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في المعاملات المالية.

• القانون الأساسي: يعد القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو الأساس التشريعي الذي أرسى متطلبات مكافحة هذه الجرائم في دولة الكويت.

• القرارات الوزارية المنظمة: تُفصل القرارات الوزارية الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة، بالتعاون مع جهات أخرى، آليات تطبيق القانون رقم 106 لسنة 2013، وتحدد بشكل دقيق دور مراقب الالتزام. ومن أبرز هذه القرارات:

• القرار الوزاري رقم 192 لسنة 2020: حدد هذا القرار شروط ومهام ومسؤوليات مراقب الالتزام للجهات الخاضعة لرقابة وزارة التجارة والصناعة.

• القرار الوزاري رقم 247 لسنة 2019: ألزم هذا القرار الشركات بتقديم شهادة من الهيئة العامة للقوى العاملة تفيد بتعيين مراقب الالتزام الكويتي عند تجديد تراخيصها التجارية، ونص صراحة على أنه «لا يجوز تجديد الترخيص بغير استيفاء هذا المستند».

• القرار الوزاري رقم 141 لسنة 2025: يمثل هذا القرار تعديلاً للقرار الوزاري رقم 192 لسنة 2020، ويدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 10 يوليو 2025، ويقدم هذا التعديل تحديثات على تعريفات وشروط تعيين ومهام مراقب الالتزام، إضافة إلى تعزيز آليات الضبط والإلزام.

إن هذا التسلسل التشريعي يدل على توجه واضح من قبل المشرع الكويتي نحو تعزيز الإطار التنظيمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويحول الالتزام من مجرد توصية إلى شرط أساسي لمزاولة النشاط التجاري.

في حال تقديم بيانات غير صحيحة أو إخفاء حقائق يعاقب الشخص الاعتباري بغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تتجاوز مليوناً

3 - الفئات المستهدفة من القرارات (الفئات الملزمة بتعيين مراقب الالتزام)

تُحدد الفئات الملزمة بتعيين مراقب الالتزام بأنها «المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة الخاضعة لرقابة وزارة التجارة والصناعة». وتشمل هذه الفئات بشكل أكثر تحديداً:

• مؤسسات وشركات الصرافة: بموجب القرار الوزاري رقم 409 لسنة 2013.

• شركات التأمين ووكلائها والوسطاء: بموجب القرار الوزاري رقم 412 لسنة 2013.

• المؤسسات والشركات التي تزاول مهنة سماسرة العقار والمكاتب العقارية: بموجب القرار الوزاري رقم 430 لسنة 2016.

• المؤسسات والشركات التي تعمل في مجال تجارة الذهب والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة: بموجب القرار الوزاري رقم 431 لسنة 2016.

• شركات الاستثمار: تندرج عادة تحت مظلة «المؤسسات المالية» وبالتالي فهي معنية بتعيين مراقب الالتزام.

4 - دور مراقب الالتزام المتخصص في مراقبة العمليات المالية:

يتعين على مراقب الالتزام الإشراف على تطبيق الشركة أو المؤسسة المتطلبات القانونية واللائحة التنفيذية والقرارات الوزارية ذات الصلة وتنفيذها. وتشمل مهامه ومسؤولياته ما يلي:

• إعداد السياسات والإجراءات الداخلية:

يتولى إعداد سياسات وإجراءات العمل والنظم والضوابط الداخلية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يتناسب مع حجم الشركة ونطاق عملها، وتكون معتمدة من الإدارة العليا.

• إعداد دراسة تقييم المخاطر:

يكلف بإعداد دراسة تقييم مخاطر العملاء والمعاملات وتحديثها.

• الاطلاع على مؤشرات الاشتباه وآلية الإخطار:

يجب عليه الاطلاع على مؤشرات الاشتباه الخاصة بالمنشأة، وإعداد آلية لإخطار وحدة التحريات المالية الكويتية بالعمليات المشبوهة، والاحتفاظ بالإخطارات.

• إعداد آلية الإبلاغ عن المدرجين على قوائم العقوبات:

يتولى إعداد آلية لإبلاغ لجنة تنفيذ قرارات مجلس الأمن في حال تقديم خدمة لأحد المدرجين على قوائم العقوبات الدولية أو المحلية.

• تدريب العاملين:

مسؤول عن تدريب العاملين في الشركة لضمان تنفيذ الالتزامات الواردة بموجب القانون.

• الاحتفاظ بالسجلات والمعاملات:

يجب عليه الاحتفاظ بالسجلات والمعاملات والدراسات وتقديمها للإدارة المعنية عند الطلب.

• تنفيذ تدابير العناية الواجبة:

يشمل ذلك تنفيذ تدابير العناية الواجبة المخففة والمشددة على العملاء والمستفيد الفعلي.

• الحضور الشخصي للإدارة المعنية:

يتطلب دوره الحضور الشخصي للإدارة المعنية لاستكمال البيانات المطلوبة.

• تطبيق الأحكام على الفروع:

تطبق الأحكام الواردة في القانون والقرارات الوزارية ذات الصلة على جميع الفروع المحلية والخارجية والشركات التابعة لها.

وظيفة مراقب الالتزام ركيزة أساسية في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وقد أظهر التحليل أن تعيينه ليس مجرد خيار بل هو إلزام قانوني مباشر

5 - مخاطر عدم الالتزام بتلك القرارات والجزاءات التي يمكن التعرض لها



تترتب على عدم تعيين مراقب الالتزام أو عدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عواقب وخيمة، تشمل عقوبات إدارية ومالية وجنائية، بالإضافة إلى مخاطر أخرى:

أ. المخاطر والعقوبات المترتبة على عدم تعيين مراقب الالتزام:

• عدم تجديد التراخيص التجارية: لا يجوز تجديد الترخيص التجاري للشركات المشار إليها إلا بتقديم شهادة من الهيئة العامة للقوى العاملة تفيد تعيين مراقب الالتزام الكويتي.

• تعليق إصدار أو تجديد الترخيص: يتم تعليق إصدار أو تجديد الترخيص حتى الامتثال لأحكام المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم 141 لسنة 2025 المتعلقة ببيانات وسائل الاتصال، والتي تعد جزءاً أساسياً من متطلبات الترخيص التجاري.

ب. المخاطر والعقوبات المترتبة على عدم التطبيق السليم لمراقبة العمليات المالية

(عدم الامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب):

1. العقوبات الإدارية والمالية:

• إنذارات كتابية وأوامر بالإجراءات: يمكن للجهات الرقابية إصدار إنذارات كتابية أو أوامر تلزم المؤسسة بإجراءات محددة لمعالجة المخالفة.

• جزاءات مالية:

يمكن فرض جزاء مالي على المؤسسة المالية المخالفة يصل إلى خمسمئة ألف دينار عن كل مخالفة.

إذا ارتكب الشخص الاعتباري (الشركة) جريمة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف دينار، ولا تتجاوز مليون دينار، أو ما يعادل إجمالي قيمة الأموال محل الجريمة، أيهما أعلى.

في حال تقديم بيانات غير صحيحة أو إخفاء حقائق، يعاقب الشخص الاعتباري بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار، ولا تتجاوز مليون دينار.

• منع من العمل وعزل الإدارة: يمكن منع مرتكب المخالفة من العمل في القطاع ذي الصلة، أو عزل أو طلب تغيير أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية.

• إيقاف أو سحب الترخيص: يمكن إيقاف النشاط أو العمل أو المهنة أو تقييدها، أو إيقاف الترخيص أو سحبه بشكل كامل.

2. العقوبات الجنائية (للأفراد):

• الحبس: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن نصف قيمة الأموال محل الجريمة ولا تتجاوز كامل قيمتها، كل من ارتكب جريمة غسل الأموال مع علمه بأن الأموال متحصلة من جريمة.

يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن قيمة الأموال محل الجريمة ولا تتجاوز ضعف هذه القيمة، كل من ارتكب جريمة تمويل الإرهاب.

تُشدد العقوبات إلى الحبس لمدة لا تتجاوز عشرين سنة وبضعف الغرامة في حالات معينة، مثل ارتكاب الجريمة من خلال جماعة إجرامية منظمة أو منظمة إرهابية.

• مصادرة الأموال والأدوات: في جميع الأحوال، يُحكم بمصادرة الأموال والأدوات المضبوطة التي كانت محل الجريمة.

3. مخاطر أخرى:

• الضرر بالسمعة: يمكن أن يؤدي عدم الامتثال إلى أضرار جسيمة بسمعة الشركة، مما يؤثر على علاقاتها مع العملاء والشركاء والمستثمرين.

• المسؤولية المدنية: قد تواجه الشركات مسؤولية مدنية نتيجة لعدم الامتثال.

• زيادة التدقيق: يؤدي عدم الامتثال إلى زيادة التدقيق والرقابة من قبل الجهات الحكومية.

تُظهر هذه العقوبات والمخاطر أن دولة الكويت تتبنى نهجاً صارماً في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتُعد وظيفة مراقب الالتزام وتطبيق الإجراءات السليمة أمراً حيوياً لضمان الامتثال وتجنب هذه العواقب الوخيمة.

الخلاصة والتوصيات

تعد وظيفة مراقب الالتزام ركيزة أساسية في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الكويت. لقد أظهر التحليل أن تعيين مراقب الالتزام ليس مجرد خيار، بل هو إلزام قانوني مباشر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستمرارية التشغيلية للشركات من خلال ربطه بتجديد التراخيص التجارية. وقد تم تحديد الفئات الملزمة بهذا التعيين بشكل واضح عبر التشريعات المختلفة.

وتعكس التطورات في الشروط والمتطلبات، خاصة مع دخول القرار الوزاري رقم 141 لسنة 2025 حيز التنفيذ، توجهاً نحو تبسيط بعض الإجراءات المتعلقة بالتعيين، مع الحفاظ على جوهر المهام والمسؤوليات الأساسية لمراقب الالتزام. هذا التطور المستمر في القرارات الوزارية يُظهر أن الإطار التنظيمي ليس ثابتاً بل يتطور باستمرار.

بناءً على ما سبق، نوصي بما يلي:

1. الامتثال الاستباقي:

على الشركات والمؤسسات الملزمة التأكد من تعيين مراقب التزام مؤهل وفقاً للشروط الحالية والمستقبلية، والبدء في التكيف مع متطلبات القرار 141 لسنة 2025 قبل تاريخ سريانه لضمان الامتثال المستمر وتجنب أي تعطيل لعملياتها.

2. المراجعة الدورية للسياسات والإجراءات:

يجب على مراقبي الالتزام والإدارة العليا مراجعة وتحديث السياسات والإجراءات الداخلية بشكل مستمر لضمان توافقها مع أحدث التشريعات والتعديلات الصادرة.

3. التدريب المستمر:

على الرغم من إزالة شرط الدورة التدريبية المعتمدة في القرار الجديد، يظل تدريب العاملين بالشركة على متطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أمراً حيوياً وضرورياً، لضمان الفهم والتطبيق الصحيح لهذه المتطلبات في جميع مستويات العمليات، كما يجب أن يشمل التدريب كيفية التعرف على مؤشرات الاشتباه في العمليات المالية، مثل استخدام بطاقات ائتمانية أو حسابات بنكية مشبوهة، وكيفية التعامل معها وفقاً للسياسات الداخلية والتشريعات.

4. تحديث بيانات الاتصال:

يجب على الشركات التأكد من تحديث بيانات وسائل الاتصال الخاصة بها لدى وزارة التجارة والصناعة، حيث أصبح ذلك شرطاً أساسياً لإصدار أو تجديد التراخيص بموجب القرار 141 لسنة 2025.

5. المتابعة التشريعية الدقيقة:

يُنصح بمتابعة أي تعديلات أو قرارات وزارية جديدة قد تصدر في المستقبل، حيث إن البيئة التنظيمية في هذا المجال تتسم بالديناميكية والتغير المستمر، مما يتطلب يقظة وتكيفاً مستمراً، ويجب أن تتضمن هذه المتابعة رصداً مستمراً لقوائم الحظر الصادرة عن وحدة التحريات المالية الكويتية والقوانين الدولية المتعلقة بالأشخاص والكيانات والدول المحظورة، لضمان عدم التعامل معها.

6. الاستعانة بالخبرات المتخصصة:

في ظل تعقيد وتشعب هذه التشريعات، يُنصح باللجوء إلى خبراء قانونيين متخصصين أو شركات متخصصة في مجال الرقابة على العمليات المالية والفحص الدقيق لضمان سلامة الإجراءات والموقف من مخاطر التعرض للجزاء، وتجنب أي مخاطر قانونية أو تشغيلية قد تنشأ عن سوء الفهم أو عدم التطبيق الصحيح.

7. أهمية الامتثال الجوهري والفحص الدقيق:

يجب التأكيد على أن تعيين مراقب الالتزام بشكل صوري أو شكلي، دون تفعيل دوره بشكل حقيقي وفعال في مراقبة العمليات المالية والفحص الدقيق، لا يحقق الغرض من الحماية القانونية ولا يجنب الشركة التعرض للجزاءات. فالامتثال الفعال يتطلب عملاً مستمراً ويقظة عالية، خاصة في ظل المخاطر المتزايدة التي قد تنشأ عن استخدام بطاقات ائتمانية أو حسابات بنكية مشبوهة، أو التعامل مع أشخاص وجنسيات قد تكون ضمن الدول المحظورة. لذا، فإن الفحص الدقيق لجميع العمليات المالية والتدقيق المستمر على العملاء والمعاملات يُعد أمراً حيوياً لضمان سلامة الإجراءات والابتعاد عن مخاطر التعرض للجزاءات.

وهذا يستلزم من الشركات تبني نهج ديناميكي واستباقي للامتثال، لا يقتصر على الالتزام بالمتطلبات الحالية فحسب، بل يشمل أيضاً المراقبة المستمرة للتغييرات التشريعية والتكيف معها بفعالية.

الامتثال الفعّال لم يعد مجرد عملية تتم «مرة واحدة وإلى الأبد» بل هو عملية مستمرة تتطلب يقظة وتكيفاً. يجب أن يكون نهجاً ضمن سياسات المنشأة التجارية وجزءاً من عملها الدائم حتى تكون في مأمن من المسؤولية وحماية من أخطار المتعاملين، الذين يحاولون إخفاء أموالهم بطريقة احتيالية، والتي يجب ألا تكون المؤسسات المالية بوابة لتلك الأعمال.

*د. فايز الفضلي الرئيس التنفيذي في مكتب أركان للمحاماة والاستشارات القانونية

back to top