وجهة نظر: مكافآت مجلس الإدارة في الشركات الخاسرة بين ضوابط القانون وممارسات الواقع
تعد عضوية مجلس الإدارة من أعمال الوكالة، بحسبان أن عضو مجلس الإدارة وكيل عن المساهمين، ويمثلهم في إدارة الشركة، وهو خليط بين الوكالة بأجر والوكالة بدون أجر (تبرع)، ومكافآت أعضاء المجلس جوازية وليست لازمة قانوناً، وعمل عضو مجلس الإدارة يغلب عليه طابع التطوع، ويخرج عن نطاق العمل مقابل أجر لانتفاء عنصر التبعية ودوام الأجر أو الاستمرارية. وتعد مكافآت مجلس الإدارة من أكثر الملفات حساسية في الشركات المساهمة، إذ تمثل توازناً دقيقاً بين تحفيز القيادات على الأداء وتحقيق مصالح المساهمين، وبين منع أي استنزاف غير مبرر لأموال الشركة. ونظم المشرع الكويتي هذا الموضوع من خلال المادة 198 من قانون الشركات، والتي نصت على أن مكافآت أعضاء مجلس الإدارة يجب أن تُقر من الجمعية العامة، وأن تكون مرتبطة بنتائج الشركة وأرباحها، وألا تتجاوز نسباً محددة يحددها القانون أو النظام الأساسي للشركة، إلا أن الممارسات العملية أظهرت وجود فجوة بين النص القانوني والتطبيق الواقعي، خاصة في الشركات الخاسرة أو التي تتداول أسهمها تحت القيمة الاسمية. ففي هذه الحالات لوحظ استمرار صرف مكافآت لأعضاء مجالس الإدارات أو اللجان المنبثقة عنها تحت مسميات متعددة، مثل «أتعاب الحضور» أو «مكافآت استشارية» أو «مهام إضافية» حتى في ظل غياب مؤشرات أداء إيجابية أو خطط إصلاحية واضحة. مجلس الإدارة يزاول الأعمال التي تقتضيها إدارة الشركة وفقاً لأغراضها، وإن كان عمل المجلس جماعيا، فإن له أن يوزع العمل بين أعضائه وفقاً لطبيعة أعمال الشركة، ويمكن أن يفوض أعضاءه أو لجنة من بينهم القيام بعمل معين أو الإشراف على وجه من وجوه نشاط الشركة أو ممارسة بعض الاختصاصات المنوطة بالمجلس، ومعنى ذلك أن عمل اللجان من أعمال مجلس الإدارة، ولكن تم تفويضه للجنة التي هي من أعضاء المجلس، فيمارس العضو في اللجنة عمله وصلاحياته باعتباره عضو مجلس إدارة، ومن أعمال واختصاصات المجلس الأصلية فوّضها للجنة، كما برزت ظاهرة احتكار المناصب الإدارية والتنفيذية لسنوات طويلة دون تجديد الدماء أو مراجعة الكفاءة، وهو ما أدى في بعض الشركات إلى حالة من الركود الإداري والتعثر المالي، حيث ظلت الشركات تدور في حلقة مغلقة من الخسائر دون مبادرات جادة للإنقاذ أو إعادة الهيكلة.
وتتحمل الجمعيات العمومية مسؤولية جوهرية في هذا الإطار، فهي ليست فقط جهة إقرار المكافآت، بل هي الأداة الرقابية الأعلى التي يمكنها رفض هذه المكافآت إذا لم تكن مبررة، أو إذا لم يقابلها أداء فعلي ينعكس إيجاباً على مركز الشركة المالي، كما يحق للجمعية العمومية - استناداً إلى أحكام القانون - تغيير مجلس الإدارة أو عدم تجديد عضويتهم إذا ثبت تقصيرهم.
وتسري هذه النتيجة على مكافآت اللجان حكم مكافآت مجلس الإدارة وفق نص المادة 198، وتكون غير مستحقة إذا كانت الشركة قد منيت بالخسارة والأكثر مخالفة للقانون وواجبة المساءلة القانونية إذا كانت هذه اللجان صورية لا تؤدي عملاً حقيقياً، وإنما تحايل للحصول على فائدة دون بقية المساهمين، ولا يكون هناك حافز للسعي وبذل الجهد للحصول على أرباح.
إن معالجة هذه القضية ليست فقط مسألة تنظيم مالي، بل هي إصلاح لمنظومة الحوكمة وضمان لتكافؤ الفرص داخل السوق، بما يحقق بيئة استثمارية صحية في الكويت ويعزز ثقة المساهمين والمستثمرين المحليين والأجانب.