بالقلم الأحمر: واليوم يستوي المثقف والجاهل!
في القرن التاسع عشر اخترع صامويل كولت المسدس، وارتبط باسمه واختراعه مقولة شهيرة، وبغضّ النظر عن صحتها أو عدمها، إلا أنها كانت معبَّرة، بل هي جزء من حملته التسويقية: «الآن يتساوى القوي والجبان». وقد حملت هذه المقولة رمزيتها في أن الشجاعة والقوة البدنية أصبحت بلا جدوى، إذ إن ضغطة زناد واحدة تفوَّقت على كل مظاهر القوة التقليدية.
وجدتُ أن هذه المقولة قريبة جداً من التناقضات التي نعيشها اليوم. فبعد انتشار البرامج والتطبيقات المدعّمة بالذكاء الاصطناعي، بات بمقدور أي شخصٍ أن يُصبح «مثقفاً» أو «كاتباً» أو «أديباً»، بل أصبح الطالب والموظف والعاطل قادرين على أن يلبسوا أي قناعٍ معرفي يريدونه، وأن يُنافسوا الخبراء والمتخصصين في ميادين الأدب والعلم بمجرَّد إتقان هذه الأدوات. ولا أقلل من شأن هذا الذكاء الاصطناعي الذي صار يشلُّ العقل أحياناً، ويحفِّز «الإبداع المصطنع» أحياناً أخرى، حتى غدا الجاهل يُضاهي المثقف، على الأقل في الصورة والمظهر. ولا نعلم حقاً إلى أين سنصل، ولا كيف سنكشف الحقائق في المستقبل.
وقد قرأتُ مقولة للكاتبة جوانا ماتشييفسكا، تقول فيها:
«أتَعلم ما هي أكبر مشكلة في الترويج لكل ما يتعلَّق بالذكاء الاصطناعي؟ أنا أُريد من الذكاء الاصطناعي أن يغسل ملابسي، ويجلي صحوني، لكي أتمكَّن أنا من ممارسة الفن والكتابة، لا أن يقوم هو بالفن والكتابة ويتركني أغسل الملابس وأجلي الصحون!».
بالقلم الأحمر:
الذكاء الاصطناعي جعل الجاهل يستوي بالمثقف، تماماً كما ساوى المسدس بين الجبان والشجاع.