لماذا يلقى مسلسل «العصر الذهبي» صدى في عام 2025؟
أغسطس يتهادى في نهاياته، والأخبار لا تفارقنا، رغم أننا نحاول التباعد عنها.
في هذا الجو المرهق، بدا لي أن الوقت مناسب لكتابة تحية لمسلسل «العصر الذهبي» من إنتاج HBO، الذي يُحاكي أميركا في لحظة صعودها الصناعي والاجتماعي أواخر القرن التاسع عشر.
لنكن منصفين: المسلسل ليس ذروة الإبداع الدرامي. حواراته ضعيفة أحياناً، وأحداثه حتى الموسم الأخير بدت باهتة، مقارنة بضخامة مادته التاريخية. جُمل مثل «أنا مثل صرصور بألف حياة!» تُثير السخرية أكثر مما تعكس عُمقاً. والكاتب جوليان فيلوز، الإنكليزي الشهير، لا يلتقط تماماً نَفَس أميركا أو لغتها. ومع ذلك، تكشف هذه الثغرات عن قوة الممثلين. كاري كون، في دور بيرثا راسل الطموحة، تُسيطر على الشاشة تماماً. مورغان سبكتور، بدور زوجها جورج، يجسِّد حضوراً هادئاً مهيباً. حتى سينثيا نيكسون، التي كثيراً ما عانت من أدوار غير مقنعة، تبدو أخيراً في مكانها.
المسلسل أعاد تسليط الضوء على طبقة سوداء مزدهرة في نيويورك من رجال أعمالٍ ومثقفين،
كثيراً ما تجاهلتها كُتب التاريخ. مشهد التوتر بين الأرستقراطية البيضاء (أغنيس فان راين)، والسيدة السوداء إليزابيث كيركلاند (فيليشا رشاد) التي ترفض زواج ابنها الطبيب من الكاتبة بيغي سكوت، يعكس تعقيداً اجتماعياً نادراً ما نراه في الدراما التلفزيونية.
ما الذي يجعل المشاهدين يُقبلون عليه إذن؟
أولاً: أزياء النساء بفساتينهن المطرزة وجواهرهن، وأناقة الرجال بقمصانهم وربطات أعناقهم الصارمة، تذكِّرنا بأن المظهر كان تعبيراً عن الانضباط والاحترام للعالم. هذا ليس «بهرجة» حفلات «ميت غالا»، لكنه بريق متماسك وواعٍ بقيمه.
ثانياً: وضوح القواعد الاجتماعية، ففي ذلك الزمن، المال وحده لم يكفِ. كان على الثري الجديد أن يُظهر الكرم والتواضع، ويُحاكي آداب الأرستقراطية. نوع من «ديموقراطية القيم» البسيطة جعلت الاندماج ممكناً. أما اليوم، فالفوضى تسود: المليارديرات بقمصانهم الرياضية يُلقون علينا محاضرات أخلاقية وهم على طائرات جيفري إبستين.
ثالثاً: إحساس ببداية أميركا لا نهايتها: على عكس مسلسل «Succession»، الذي يصوِّر أميركا قوة آفلة، يقدم «العصر الذهبي» بلداً في طور الولادة. المخترع الصغير قد يُصبح ثرياً بين ليلة وضحاها، والمُضارب الجشع قد ينتهي منتحراً. إنها حركة صعود وهبوط تعكس روح التغيير الأميركي.
المسلسل، رغم كونه خيالاً، يستند إلى وقائع حقيقية. بيرثا راسل تستلهم من قصة كونسويلو فاندربيلت التي زُوِّجت إلى دوق إنكليزي تعيس. جورج راسل يجمع سمات من قُطب السكك الحديدية جاي غولد. حتى وارد ماكاليستر، حارس أبواب «المجتمع الراقي»، كان شخصية تاريخية حقيقية.
وماذا عن المستقبل؟ يمكن للمواسم المقبلة أن تستلهم حياة إديث وارتون، ابنة نيويورك التي تحرَّرت من زيجة تعيسة لتصبح أول امرأة تفوز بجائزة بوليتزر للرواية. أو يمكن أن نرى زيارة أوسكار وايلد إلى نيويورك، بما قد يجلبه من جدلٍ وسحر. وربما أيضاً يُعرض جانب من صعود الحركة العمالية وردة الفعل السياسية العنيفة، حيث يخطط شاب فوضوي لتفجير خط سكة حديد.
في النهاية، سر جاذبية «العصر الذهبي» هو أنه يذكِّرنا بلحظة أميركية تأسيسية: حين كانت الأمة، رغم تناقضاتها الطبقية والعرقية، تموج بالحركة والإمكانات. هناك دائماً سقوط وصعود، لكن فوق ذلك، هناك إيمان بأن أميركا «لم تنتهِ بعد»- وأنها، كما يقول المسلسل، ما زالت قادرة على كل شيء.
* بيغي نونان