الخروج من الكويت إلى المجهول
وأخيراً قررت ترك بلادي مجبرة بتاريخ 25/ 11/ 1990 متجهة إلى المملكة السعودية براً بعد سبع ساعات إلى الرياض، حاملة في قلبي حزناً كبيراً وغصة لفراق بلدي الكويت مكرهة، رحلة أسميها رحلة إلى المجهول، بعد غزو بلدي بغتة من جارة لم نتوقع منها ذلك، لأننا كانت تربطنا بهم علاقة طيبة... بلدي كانت مسالمة، يدها بالخير قريبة من الكل لا تحمل نوايا شر، فاجأونا وباغتونا فجراً... يا الله كيف يكون الغدر صعباً من القريب؟
يوم لا أنساه في حياتي بالمبيت في استراحة الخفجي كغيري من آلاف الكويتيين بعد سبع ساعات معاناة بالطريق للوصول إلى الرياض... أطفال يعانون المرض والفزع والخوف لا يدركون ماذا حل بهم؟!
إنه حقاً ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، صبرنا ولكن لم يهدأ بال لأي كويتي في الخارج أو الداخل للعمل بكل طاقاتهم للعودة إلى بلادنا كويتنا ملاذنا الوحيد... لله الحمد، رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام أصيب بالابتلاء فصبر ونصره الله تعالى.
إنه ابتلاء من رب العالمين أراد أن يضعنا في هذا الموقف ليختبر صبرنا وشاعرنا يقول:
جزى الله الشدائد كل خير
عرفت بها عدوي من صديقي
وبعد ثلاثة عشر يوماً من الإقامة بالرياض اتجهت إلى السفارة الكويتية بالقاهرة، لاتطوع كغيري من الكثيرين إلى حين التحرير.
نعم إنها الشدة تأتي لتبرز لك معادن الناس وتنجلي الغمة ويزداد البريق، فلم تقصر دول الخليج معنا، وكذلك الدول العربية الشقيقة التي دعمتنا وساندتنا، جزاهم الله خير الجزاء، وأخيراً بطاقة حب وامتنان أهديها لبلدي الحبيبة الكويت والحكومة الرشيدة، ولأبناء بلدي وكل وافد شريف وقف بجانبنا ولم يخشَ في الحق لومة لائم، الحمد الله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
شعور جميل أنك في بلدك بعد طرد العدوان الباغي الذي استباح الدماء والأعراض، ولكن لم يستطع أن يستبيح قلوبنا المليئة بحب الكويت.
وشاعرنا أبو القاسم الشابي كذلك قال:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بُد أن يستجيب القدر
ولا بُد لليل أن ينجلي
ولا بًد للقيد أن ينكسر
وعذراً لمن كان لديه شهيد أو أسير، فهم كلهم أولادنا... شهداؤنا في جنات النعيم عند مليك مقتدر، وكذلك أسرانا استودعناهم رب العالمين الذي لا تضيع ودائعه.
والله المستعان