غزة... الحصان الميت
أثبتت الجولة الحالية من الحرب أن قطاع غزة تنطبق عليه نظرية الحصان الميت المتهالك قواه. فبعد ما يقارب 700 يوم تتفاقم معها أنواع المجاعة وموت المجوعين طرحت الولايات المتحدة الأميركية «مؤسسة غزة الإنسانية» لتقديم 100 مليون وجبة طعام، كما أعلن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في زيارته لمراكز توزيعها في غزة، ولكن عزيزي القارئ دعنا نوضح أن مقابل هذه الوجبات يستشهد في أقل من أسبوع واحد 1500 مجوع من قطاع غزة، ظن معظمهم الأمان في المؤسسة الدولية، ولكنها كانت الوجه الآخر لنفس العملة.
وحسب إحصائية وزارة الصحة الفلسطينية الأخيرة فإن عدد الأطفال وكبار السن وبعض الشباب الذين ماتوا بسوء التغذية والتجويع بلغ 122 شهيداً، منهم 83 طفلاً.
بعد هذه الأرقام المخيبة للآمال في زمن فقد العالم فيه إنسانيته التي تغنى بها السنين الماضية، وكيف يسهم في بناء قوة الحضارات، بل اتضح أنه يساهم في تدميرها وتجارب الشعوب والأمم تشهد على ذلك.
لنرجع عزيزي إلى صلب حديثنا، ففقد العالم إنسانيته هذا شيء انتهى ولا نعول عليه كثيراً، ولكن «حماس»، التي تفاوض باسمنا، ألا ترى حجم الكارثة؟ وأننا دخلنا في حرب استنزاف مفتوحة بلا أفق واضحة؟ المجاعة تفتك بالمدنيين العزل، وموت المجوعين أصبح يمر بشكل طبيعي.
هل تتخيل أن يتم إقحام شعب أعزل في هذا الذل لسنوات طويلة، وأن يخسر وطناً بكل ما فيه، كل شيء، دون أي مقابل أو نتيجة؟
والسادة المفاوضون يفاوضون على فتات الأمور، وكأنهم لا يعلمون أن كل ما في غزة ميت، وأن محاولات إنعاشه بمفاوضات عبثية كمن يحاول أن يمتطي الحصان الميت رغم الأعراض الظاهرة عليه للفوز بالبطولة.
يبقى السؤال: من سينتشل غزة من هذه الدوامة التي دفعنا ثمنها؟
* صحافية فلسطينية