وجهة نظر: شطب الشركة من سوق الأوراق المالية وما يترتب عليها من مسؤولية
جاء في جريدة الجريدة الغراء في الصفحة الاقتصادية، في عددها الصادر الأحد 19 نوفمبر 2023، أن حكماً قضائياً صدر بإلزام شركة مساهمة بأن تقدم لهيئة أسواق المال الوثائق المطلوبة منها، وأن امتناع الشركة عن الامتثال للتعليمات الرقابية أضر بها وبالمساهمين، وهو خطأ إداري جسيم، وذكرت «الجريدة» أن المساهم المدعي على الشركة طلب تعويضاً، وقالت إن حكم الإدانة هذا يفتح الباب لتعويض المساهمين في الشركات المشطوبة.
ولا شك في أن الخطأ أياً كان شكله، سواء كان خطأ عمداً أو غير عمد، متى ما نتج عنه ضرر يستوجب التعويض، والتقاعس عن تقديم بيانات تطلبها هيئة الرقابة خطأ إداري وفق قانون الشركات، إضافة إلى أن الامتناع عن أي عمل يؤدي إلى الإضرار بالمصالح المالية والأدبية للشركة يوجب التعويض عن مخالفة ذلك، وفق الفقرة الرابعة من المادة 179 من قانون الشركات. الجدير بالذكر أنه ليس فقط عدم الامتثال لتعليمات الهيئات الرقابية يرتب المسؤولية على مجلس الإدارة إنما المسؤولية تكون من باب أولى عن جميع أعمال الغش وإساءة استعمال السلطة وعن كل مخالفة للقانون أو لعقد الشركة وعن الخطأ في الإدارة وتكون المسؤولية قائمة حتى لو أبرأت الجمعية العامة للمساهمين ذمة مجلس الإدارة.
وتكون المسؤولية إما شخصية تلحق عضواً بالذات الذي ارتكب المخالفة أو الخطأ، وإما مشتركة فيما بين أعضاء مجلس الإدارة جميعاً، وتكون مسؤوليتهم بالتضامن بأداء التعويض إلا من اعترض منهم على القرار الذي رتب المسؤولية وأثبت اعتراضه في المحضر.
والملاحظ أن المخالفات التي جاء ذكرها في الحكم، وإن كانت هي عدم الامتثال لتعليمات الهيئة الرقابية بتقديم بيانات معينة، إلا أنها قد تنطوي على مخالفات جسيمة قد تصل إلى مرتبة الغش والاختلاس، إذا كانت هناك أصول للشركة قد تم تسجيلها باسم الغير وليس باسم الشركة، وهذا قد تكون مكونة لجرائم أشد خطورة يعاقب عليها قانون الجزاء.
والحقيقة أن هناك عدة محظورات على رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة، فلا يجوز لأي منهم أن يستغل المعلومات التي وصلت إليه بحكم منصبه في الحصول على فائدة لنفسه أو لغيره، ولا يجوز لهم الإفصاح إلى المساهمين في غير اجتماعات الجمعية العامة أو إلى الغير عن أسرار الشركة، وإلا وجب عزلهم ومساءلتهم عن تعويض الأضرار الناتجة عن ذلك، ومن غير الحاجة إلى بيان أنه لا يجوز أن تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود والتصرفات التي تبرم مع الشركة أو لحسابها أو لأزواجهم أو أقاربهم من الدرجة الثانية.
وإذا حصل أي من المخالفات السابقة فإن للشركة أن ترفع دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس الإدارة إذا نشأ عن هذه المخالفات أو الأخطاء أضرار للشركة، فإذا كانت الشركة في دور التصفية تولى المصفي رفع الدعوى، وفي حالة عدم قيام الشركة برفعها يحق لكل مساهم أن يرفع دعوى المسؤولية منفرداً نيابة عن الشركة وعن نفسه، ليطالب بالتعويض عن الأضرار التي تلحق به أو بالشركة نتيجة هذا الخطأ، ويكون باطلاً كل شرط في عقد الشركة يمنع ذلك، ويحرم المساهم من حقه في رفع الدعوى، ودعوى المسؤولية هذه تسقط بمضيّ خمس سنوات من تاريخ إبراء ذمة المجلس من الجمعية العامة، إلا إذا كان الفعل المنسوب إلى أعضاء مجلس الإدارة يكون جريمة جزائية فلا تسقط الدعوى إلا بسقوط الدعوى الجزائية.