نشكر الجامعة لقسم التمريض

نشر في 10-08-2025
آخر تحديث 09-08-2025 | 20:41
 بدر خالد البحر

يمضي التعليم حالياً، ولو ببطء، قُدماً في مسار واضح بعض الشيء نحو الإصلاح بفضل القيادة والوزراء المعنيين، وقد أشدنا بخطة البعثات الأخيرة لبدئها تلبية حاجة سوق العمل، واستحواذ التخصصات الطبية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، واقتصار الابتعاث على دول أجنبية وخليجية، حسب مطالبنا.

وعلى هذا المنوال يجب أن تسير جامعة الكويت التي انتقدنا قلّة مقاعدها بالطب، إلا أن ما يدعو إلى التفاؤل إصدار مديرة الجامعة، د. دينا الميلم، الأسبوع الماضي، مشكورةً، قراراً انتظرناه نحو ثلاث سنوات بإنشاء قسم التمريض بكلية العلوم الطبية المساعدة، بناءً على قرار اتخذه مجلس الجامعة منذ 2022، وبعد إعلان عمادة القبول والتسجيل العام الماضي استحداث بكالوريوس التمريض، كما أعلنت جامعة عبدالله السالم عن وظيفة معيد بعثة بكلية الطب والعلوم الصحية.

ورغم وضوح مسار إصلاح التعليم، فإننا بحاجة إلى تسريع وتيرته بإحداث ثورة تصحيحية، يمكن شرحها في ندوات، ولكن سنختصرها في أسطر، لنسف العوائق وإحداث تغيير شامل، فارتباط التعليم بحاجة سوق العمل ضرورة، ولكن حاجة السوق صارت تفوق قدرة مؤسسات التعليم على تلبيتها، فالأسواق العالمية تتطور بشكل تقني وفني متسارع ومخيف، وهناك تخصصات صارت لا حاجة لها، وأخرى أصبحت ماسة جداً، ففي قطاعات معيّنة صرنا لا نحتاج إلى مهندس تقليدي بقدر ما نحتاج لمشغّل تقني وخبير في البرمجة، حتى بالقطاع النفطي الذي صار لا يحتاج إلى جيولوجي بمسمى مهندس بترول، ولا يحتاج لمهندس كمبيوتر بقدر الحاجة إلى متخصص بعلوم الكمبيوتر والبرمجة!

لذلك على الجامعات و«التطبيقي» اتخاذ قرارات جريئة وفورية لوقف وتقليص بعض التخصصات، كالهندسة التقليدية والتربية البدنية والموسيقية والآداب وكلية الشريعة وغيرها، وإغلاق كليات التربية الأساسية، وتوجيه طلبتها إلى الأقسام العلمية، ومن ثم توجيه ميزانياتها المرصودة ومبانيها لاستخدامات كلية الطب والطب المساعد والتخصصات المساعدة لها والمتعلقة بها، لمضاعفة مقاعد الطلبة، وتوجيهها أيضاً لتخصصات البرمجة والذكاء والتقنية السيبرانية الحديثة، لنواكب العولمة.

ولتكون هذه الثورة صحيحة، علينا إلزام خريجي «الثانوية» بتلك التخصصات المطلوبة بسوق العمل لإحلال المواطنين، ووضع كوادر مالية لجذبهم، بدلاً من اقتصارها على تخصصات لا حاجة إليها.

هذا التصحيح يجب أن يشمل التعليم الخاص أيضاً، الذي أثبت كفاءته في مواجهة التحديات، حيث ظل يعمل أثناء «كورونا» حين توقف التعليم العام! فالجامعات الخاصة طوّرت نفسها وبرامجها رغم ضعف رقابة الجهاز الحكومي التي عجزت حتى عن وضع «كوتا»، أي حدّ لأعداد الطلبة بكل جامعة، لمنع التكدس، وعليها البدء به الآن كما هو معمول بالبعثات الخارجية، كما فشل الجهاز الوطني بتصنيف الجامعات الخاصة، فنجح بعضها بالتعاون مع مؤسسات تصنيف عالمية وأنجزت تصنيفها وروّجت لبرامجها وجذبت الطلبة بأدوات إعلامية مؤثرة، لعدم وجود ما يقيّدها، وعملت أشهرها على تشجيع متفوقيها ووضع صورهم بالشوارع، فامتلأت الطرقات بإعلانات الجامعات.

ولعلنا إذ نحفّز الجامعات الخاصة على الاستمرار بالإنجازات الأكاديمية، فإننا ننصحها بالاقتداء بأرقى الجامعات الخاصة التي غيّرت وجه العالم بأبحاثها وعلمائها واختراعاتها لتحصل على مليارات التبرعات، كجامعة هارفارد التي أُسست عام 1636، و«إم - آي - تي» عام 1861، وفيها من حمَلَة جائزة نوبل بالفيزياء، برادفورد الذي تصادف بعد يومين ذكرى وفاته عام 1989، وفاولر الذي وُلد عام 1911، وكذلك جامعة ييل العريقة (1701)، و«بيركلي» التي أُسست 1868 بضمّ كليات خاصة وعامة، وكانت على بُعد ساعة من حرمنا الجامعي في بداية الثمانينيات.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top