سوق المناخ: عندما أدت الحكومة دور المضارب الأكبر

نشر في 10-08-2025
آخر تحديث 09-08-2025 | 19:39
 ضاري المير

لم تكن أزمة سوق المناخ عام 1981 مجرّد انهيار مالي عابر، بل كانت جريمة اقتصادية مكتملة الأركان شاركت فيها أطراف عدة، لكنّ المتهم الأول والأخطر كان ولا يزال: الحكومة نفسها.

في تلك المرحلة، لم تكن الدولة غافلة، بل كانت شريكة بالصمت، وشاهدة بالتواطؤ، وضامنة للوهم.

ماذا حدث حقاً؟ نشأ سوق المناخ وتداول أسهماً بأسعار تفوق المنطق، من خلال نظام «البيع الآجل» على بياض، وبكمبيالات مؤجلة بلا تغطية. ما يُشبه اقتصاداً موازياً مبنياً على وهْم الثقة، ورغبة جامحة في الربح السريع.

لكنّ الخطير أن الحكومة لم تُحذر، لم تتدخل، لم تُنظّم... بل وقفت موقف المتفرج الشامت أحياناً والمُحرّض ضمنياً أحياناً أخرى، لأنها كانت ترى في تلك المضاربات «تنفيساً اجتماعياً» عن فائض السيولة بعد الطفرة النفطية... الحكومة لم تكن ضحية... بل أحد اللاعبين...

لماذا لم تتحرك أجهزة الدولة إلا بعد وقوع الانفجار؟ ومن المستفيد من تأجيل الانهيار حتى تفجّر فجأة على رؤوس الجميع؟

الجواب واضح: كانت هناك إرادة سياسية بعدم التدخل... حتى وقعت الفأس في الرأس. أكبر مقايضة في تاريخ الكويت: المال مقابل الصمت عندما انهار السوق وانهارت معه مليارات من الدنانير، لم تحاسب الدولة أحداً، لم يُسجَن المتورطون الكبار، بل تمت تسويات خلف الستار، وتم تعويض آلاف المواطنين بأموال الدولة. دُفعت الفاتورة من المال العام... لا من جيوب المجرمين الحقيقيين. وتم احتواء الغضب الشعبي بسياسة «ادفع واسكت»، في أكبر عملية شراء للسكوت السياسي والاقتصادي بتاريخ الكويت الحديث.

درس لم نتعلمه بعد أربعين عاماً، نعيش نفس النمط: مضاربات عقارية لا تخضع للرقابة، وقروض استهلاكية تُوزع بلا ضوابط، وتوجّه عام نحو «الربح السريع»، وصمت حكومي كلّما علت الحمّى المالية...

سوق المناخ لم يكن مجرد انهيار، بل كان نبوءة مكررة، ما زلنا نعيش ظلالها حتى اليوم.

الخلاصة:

أزمة المناخ في 1981 ليست ذكرى حزينة، بل فضيحة سياسية واقتصادية تورّطت فيها الدولة بمؤسساتها وسكوتها وتلاعبها. إن لم نسمِّ الأشياء بأسمائها، ونحاسب العقلية التي أدارت تلك المرحلة، فإن «مناخاً» جديداً قادم... وربما يكون الأخير.

back to top