بدون مجاملة المعركة الوهمية
خلق الله تعالى الأرض وما عليها بنظامٍ مُحكم، وقوانين، وسُنن، بثبات واختلاف، وليل ونهار، وأحوال، وإليه يرجع الأمر كله. ونحن نتعلَّم عندما نقرأ كتاب الله (القرآن المجيد)، بأن الله، عز وجل، قد خلق من كل شيء زوجين اثنين (الذكر والأنثى)، ونرى ذلك في أنفسنا، وفي سائر الكائنات الحيَّة.
الرجل والمرأة عضوان رئيسيان في رحلة الحياة، كلاهما يواجه التحديات، يُريد راحة البال، ينشد السعادة، يتمنى النجاح، مهما تعدَّدت المسؤوليات، وتنوَّعت المسميات، وتباينت الفرص، ومهما اختلفت الأعمار، وتغيَّرت المراحل. لكن المرأة والرجل ليسا بالضرورة شريكَي حياة. فهما موجودان في كل المواقع، وعلاقتهما- من الناحية الإنسانية- أكبر وأشمل. المرأة في أحيان كثيرة عندما لا ينجح زواجها تسخط على الرجال، وتشتم، وتعمِّم! وكأن العالم ليس فيه إلا ذاك الشريك الذي لم يكن كفؤاً للشراكة! والرجل، على حدٍّ سواء، يشمل جميع النساء بالاستصغار والاتهام بالتفاهة!
الحقيقة أن التعامل بين الرجل والمرأة أوسع من ذلك بكثير، فالرجل بالنسبة للمرأة قد يكون جداً حكيماً ترك سُمعة حسنة، أو والداً مربياً ومصدراً للأمان، أو عمَّاً أو خالاً يفتخر به، أو شقيقاً كريماً سنداً، أو زميلاً في العمل معلماً موجهاً، أو محاضراً أو مدرباً محفزاً ملهماً، أو جاراً شهماً، أو ذا رحم خدوماً، بوجود الاحترام والضوابط.
وهذا يجري كذلك على الرجل، فالمرأة ليست إلا شريكة حياة وحسب! فإن لم تكن زوجة صالحة، فكُل نساء الأرض غير صالحات لا محالة! وكأن الزواج هو الحكم على نجاح الإنسان وقيمته! قيمة الإنسان فيما يطبق من قِيم وأخلاقيات على أرض المعاملات، في أدب حديثه، وحُسن ظنه، في تواضعه، وثباته على الحق، وحُبه للخير.
تأتي النكات المنتقصة، والإضافات الوقحة، والأحكام الحتمية، وبلغ الحد للاستهزاء بعاطفة المرأة. وفي الجانب المقابل، اتهام الرجل، ووصفه بأنه خائن بالفطرة، وكأن الرجل والمرأة «خصمان» في معركة مستمرة وتحدٍ مشتعل، ليثبت كل طرف منهما سيئات الآخر.
(النساء شقائق الرجال)، أي نظائرهم في الوصايا والأخلاق، حتى في العبادات الأساسية ومعظم التكاليف والجزاء.
إن دماغ الرجل مختلف عن دماغ المرأة، وهما مختلفان في البنية، وبعض التفاصيل والميول والخصائص، وهذا واقع الخلق والثابت بالملاحظة والعلم. هذا الاختلاف الذي تتطلبه الحياة لتحقيق المنافع، فكُل فردٍ يُسهم بطريقة لها مميزاتها.
وكما أن الفروق بين الجنسين موجودة، هناك فروق فردية داخل المجموعة نفسها، وهذا ما يجعل كل شخصٍ يتميَّز بذاته، وحضوره، وما يضيفه. التعميم خطأ فادح، وتفكير محدود، وفيه بهتان وتضييع للمكاسب.
لا يوجد تفوق على أساس الجنس، أو المركز، أو المسمى الاجتماعي، هناك أخلاق إنسانية رفيعة، وفوائد متبادلة، وأثر طيب.
(ولا تتمنّوا ما فضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضـَكُم على بَعض للرِجالِ نـَصيبٌ مِما اكتـَسبوا وللنِساءِ نـَصيبٌ مِما اكتـَسـبَن واسألوا اللهَ من فضله إن الله كان بِكُـل شيءٍ عـليما). (سورة النساء - 32)