كتاب لم يُقرأ جيداً!
بعينيه الغارقتين في عتمة الليل الهادئ، يتكئ على شيبته، التي تنطق حزناً مُحمَّلاً بذكريات وصور شاهدة على تقلبات الزمن والبشر. يتوسَّد وحيداً أفكار ومفاهيم الصراع الذي لم يكتب له الفصل الأخير بعد.
كبَّلته الهموم والأوهام، يقاوم حتى اللحظة، أو هكذا يرى نفسه، يحاول أن ينهض بعد كُل كبوة، وأن يسحق جرحه، ليُبحر من جديد، رغم العثرات التي ترافقه في كُل تجربة، مُتيقناً أنه لا نجاح بلا ثمن، ولا لذة لفوزٍ من غير مشقة. ينطلق من فكرة مفادها أن قائمة النجاح خطت بأنامل الصبر والتضحيات، لا بالعجز والتذمُّر والأمنيات، فالحالم يعتقد أحياناً أنه يملك غيمةً في قلب السماء، لكنه في حقيقة الأمر يعيش وهماً وكذبة بيضاء!
أمواج، عواصف، سكينة، وهدوء، وصمت ينادي أسى من أسفل ركام الأحلام، هكذا يحيا. وبالمشهد ذاته، يعتقد أنه سيغفو ذات يومٍ على قُبلات تسري بين عروقه، من ظلٍ لا يغيب، ونهر مازال جارياً رغم جفافه، فكلما شعرت بوجعه، اقتربت أكثر فأكثر. كانت روحاً تحمله بقلبها، كما يحرسها دوماً بين أهدابه.
دمعة صامتة على مسرح الحياة المكتظ بالممثلين البارعين، وبآخرين اعتادوا أن يؤدوا أدوار «الكومبارس»، ومتفرجين معظمهم لا يكفون عن التصفيق حقاً أو باطلاً، ضجيج، صراخ، ضحك وبكاء، وسط كُل تلك الفوضى يُكافح ليرسم ابتسامة، وهو أكثر مَنْ يحتاجها. يستمع حين يعرض كثيرون، يتغافل ويتمنَّى، وما زال يحلم. لم يكن سوى كتابٍ واضحٍ ومفتوح أمام الجميع، لكنه مع الأسف حتى الآن... لم يُقرأ جيداً!