خاص

سعاد الناصر: القصيدة قلق الشعراء قديماً وحديثاً

• أكدت لـ «الجريدة•»أنه لا معنى لحياتها من دون تنفس الشعر

نشر في 09-01-2023
آخر تحديث 08-01-2023 | 20:59
تقطن الشاعرة والقاصة المغربية د. سعاد الناصر، الملقبة بـ «أم سلمى»، بين قلق السؤال وغواية الحكي، فهي تبحث دوماً عما يشعل القلب في أشعارها، حيث تنغمس في القصيدة وهي محمَّلة بالتساؤلات والتأملات، مستعيرة مقولة الشاعر الألماني هولدرلن: «إنني أعيش شعرياً على هذه الأرض، فالشعر يرافقني لحظة تلو لحظة، حتى في النوم»، لذلك «لا معنى لحياتي من دون التنفس من خلاله»، كما أن سردياتها في كتاب «السرد النسائي العربي» نموذج للحكي الذي يغوي للقراءة، لجمعه قضايا تهم السرد النسائي العربي عموماً. وفي حوارها مع «الجريدة» من القاهرة، تحدثت أم سلمى عن مسيرتها، وأعمالها، وأبرز القضايا الأدبية في المغرب، ومكانة المرأة العربية المبدعة.
• ماذا عن أبرز أعمالك: «السرد النسائي العربي»، و«توسمات جارحة»، و«ظلال وارفة»؟

ـ لا يمكن الحديث عن أبرز الأعمال إلا بالنظرة الشمولية لها. كل عنوان من العناوين التي اخترتها لأعمالي يُعد نموذجاً لطبيعته الأجناسية، فالسرد النسائي العربي بين «قلق السؤال، وغواية الحكي» يعكس نموذجاً من دراساتي المختلفة حول الكتابة النسائية عموماً، ويُعد كتاباً جامعاً لمجموعة من القضايا التي تهم السرد النسائي العربي. أما كتاب «توسمات جارجة»، فهو جامع لعدد من المقالات التي صدرت في الصحافة المغربية والعربية، يجمعها الحديث عن الثقافة والأدب والمرأة، و«ظلال وارفة» مجموعة قصصية صدرت في الكويت.

الأجناس الأدبية

• كتبتِ الشعر والقصة القصيرة، ولم تنصرفي تماماً إلى الرواية... هل الفصل بين الأجناس ضرورة لكتابة الرواية؟

- لكل جنس أدبي خصائص ومميزات تميزه عن الجنس الآخر، والأجناس الأدبية جميعاً تتساوى في السيادة، كل وفق مجاله، ووفق مدى البراعة والجودة في إتقانه، فامتلاك الكاتب؛ شاعراً كان أو روائياً أو غير ذلك، لناصية الكتابة وشروطها يمنحه القدرة على الإبداع في الجنس الذي يرى أنه الأكثر تعبيراً عما يريد، فإذا كان الشعر أو القصة القصيرة يأتيان كومضات برق خاطف، فعلى الشاعر أو القاص القبض على بريقهما، واقتناص لحظاتهما الإبداعية، ويمكن قراءتهما أكثر من مرة، فالرواية تحتاج إلى وقت أطول وتأمل أوسع، لذا يمكن للرواية أن تتضمن عدداً من الأجناس وتحتويها، لكن في رأيي النصوص الإبداعية السردية التي لا تتضمن الروح الشعرية هي مجرد محاكاة جامدة للواقع.

النصوص السردية من دون الروح الشعرية محاكاة جامدة للواقع

• بماذا تنصحين بخصوص كتابة الشعر؟

- لكل الحق في التعبير عما يريد، وبالصيغة التي يريدها، ويترك للدارس مسألة التجنيس إذا اقتضى الأمر ذلك. لكن ما أود الإشارة إليه في هذا المجال، هو الاستسهال في الكتابة، وفيما يُنسب للشعر وما هو بشعر، إنما هذيان وفقر إبداعي. لذا أنصح بالقبض بقوة على القراءة، قراءة النصوص الجيدة، قبل خوض غمار الكتابة في أي جنس أدبي؛ شعراً كان أم سرداً، ولكن تبقى القصيدة تمثل قلقاً للشعراء قديماً وحديثاً.

من أعمالها من أعمالها
المرأة المبدعة

• المرأة العربية المبدعة، هل حصلت على مكانتها المستحقة؟

ـ لا نستطيع أن ننكر ما حصلت عليه في العصر الحديث بعد نضال طويل لاتزال تخوضه، واستطاعت المرأة المبدعة أن تحضر في مختلف المجالات الإبداعية، وتحقق هوية أنثوية خاصة بها، وتحجز فعلياً مكانتها الإبداعية بالتأثير والمتابعة والدراسة والنقد. لقد استطاعت العديد من المبدعات العربيات حفر أسمائهن وعطاءاتهن عميقاً في وجدان وعقل ومخيلة المتلقي، ليس في العالم العربي فقط، بل في كل العالم، كما استطاعت كسر حواجز كثيرة، رغم ما يحيط بها من نظرات متشككة، في ظل مجتمع ذكوري لا يزال يفرض قمعه وتسلّطه، وأن يكون قلمها عنواناً للكينونة والتحدي والكشف والتمرد، لكن رغم ذلك لايزال أمامها طريق طويل للحصول على مكتسبات أكثر.



• مَن أكثر الشخصيات الشعرية والأدبية الذين تأثرت بهم؟

- لا أستطيع أن أحدد مَن تأثرت بهم، لكن يمكن أن أذكر عدداً من المبدعين الذين استفدت منهم، سواء من القدامى أم من المحدثين، أذكر على سبيل المثال من القدامى المتنبي والمعري والشواعر الأندلسيات من دون استثناء.

جهود المرأة في مجالات الإبداع أثبتت أن ما لا يؤنث لا يعوَّل عليه

وبالنسبة للمحدثين، يمكن أن أذكر نازك الملائكة والسياب وصلاح عبدالغفور ومحمد الصباغ، ودوستويفسكي في السرد، وتوماس مان وريبيكا غولد شتاين وجين أوستن ونجيب محفوظ ورضوى عاشور وغيرهم كثير.

بين النقد والإبداع

• ما رأيك في الحركة الإبداعية بالمغرب؟ وهل الحركة النقدية واكبت مسيرة الشعر؟

- الحركة الإبداعية في المغرب بصفة عامة حركية دؤوبة، بالنظر إلى عدد الملتقيات والندوات الأدبية وتقديم مجموعة من الإصدارات الجديدة، بغض النظر عن قيمتها ومستواها والإبداعي، فهذا شيء آخر يحتاج إلى وقفة متأنية، وهناك مستوى إبداعي آخر برز وعرف حركية متصاعدة، وهو الذي يندرج في إطار الإبداع الوسائطي، بمختلف وسائله وتقنياته وتأثيراته، حيث تقوم التكنولوجيات الجديدة بأدوار متعددة في صياغة مضامينه وأشكاله، وتبليغها. ولا شك في أن هذا الإبداع الوسائطي أصبح يحرك المشهد العام، ويسعى للتأثير في المتلقي، من مختلف الأجيال والحساسيات.

الوسائط التكنولوجية تحرك المشهد الأدبي وتؤثر في مختلف الأجيال

وبالنسبة للنقد، فهو مهارة فكرية، وسبب من أسباب تقدم الأمم والشعوب ونهضتها، وحافز لإبداع أفرادها، وتوجيههم نحو أساسيات وجماليات العمل الإبداعي. للأسف، مواكبة النقد للإبداع في عالمنا العربي، بصفة عامة، قليلة مقارنة مع ما يُطرح من إبداعات، بل إن وُجدت تظل أحياناً في إطار مجاملاتي، ولا ترقى إلى تقييم العمل وتقويمه ومحاورته واستنباط جمالياته.

• ماذا عن المرأة المغربية ومحاولاتها في مجال النقد؟

- أرى أن النقد والإبداع بصفة خاصة عكس إضافات مهمة وجادة حين تغلغلت فيه تراكمات نسائية مفتوحة على التنوع ونحت آفاق لغوية وجمالية ودلالية بكثير من المغايرة، في كل الموضوعات وفي مختلف المجالات، بجرأة واقتدار، حيث أثبتت جهود المرأة الإبداعية أن ما لا يؤنث لا يعوَّل عليه. والحقيقة أن المرأة المغربية إذا أردنا التخصيص، فهي منخرطة بقوة في محاورة الذات الجماعية ومساءلة الواقع بقلق خصب خلاق، وبوعي جمالي ونقدي تعبِّر عن تصورها لمختلف القضايا وأسئلة الوجود، كما تعبِّر أيضاً عن الاستمرارية في التجديد، سواء على مستوى اللغة، أم على مستوى طرائق التصور والتخييل. وحاولت مراكمة منجز إبداعي لا يزال يحتاج إلى المتابعة النقدية وتفكيك خطاباته بعيداً عن أي تصنيف نوعي أو رؤية ضيقة.

back to top