العصفور: «رايات الوطن» بمناسبة الذكرى الـ 35 للغزو
أكدت دور الفن في توثيق التاريخ ونقل المشاعر عبر الأجيال
قدَّمت الفنانة التشكيلية ابتسام العصفور أحدث لوحاتها الفنية بعنوان «رايات الوطن»، بمناسبة حلول الذكرى الـ 35 للغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990، مؤكدة حرصها على تقديم لوحات تناقش المناسبات والأحداث المختلفة، كأحد أدوار الفنون في توثيق التاريخ ونقل المشاعر عبر الأجيال.
وقالت العصفور إن لوحة «رايات الوطن» تجسّد مشهد امرأة كويتية تجلس أمام ماكينة خياطة قديمة، تخيط علم الكويت على ضوء فانوس، فيما الدخان يملأ الأفق، والظلام يُخيّم على المكان، ذلك الظلام الذي خلّفته نيران آبار النفط المشتعلة، حين حوَّل الاحتلال ليل الكويت إلى نهارٍ أسود لا يُطاق، وعلى هامش هذا المشهد، تقف طفلتها الصغيرة تتابع المشهد بصمت، لكن بعينين تلمعان بالأمل.
وأضافت أنها قدَّمت أيضاً لوحات عدة تناقش غزو وتحرير الكويت والشهداء والأبطال الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الوطن خلال الغزو العراقي الغاشم، فكانت لوحاتها توثيقاً بصرياً يخلّد بطولاتهم، ويحفظ ذكراهم في الوجدان، من بينها لوحة الشهيدة أسرار القبندي، المناضلة الشجاعة التي شاركت في توزيع منشورات المقاومة ونقل المعلومات، واستُشهدت تحت التعذيب، بعد أن أعدمتها قوات الاحتلال بدمٍ بارد في فبراير 1991، والشهيدة وفاء العامر، التي قدَّمت خدمات إنسانية جليلة للأسر المتضررة، واختُطفت واستشهدت أيضاً تحت التعذيب، لتُخلَّد كرمز للمرأة الصامدة.
كما رسمت العصفور الشهيد أحمد العصفور، الشاب الذي التحق بصفوف المقاومة، وواجه العدو ببسالة حتى استشهاده، فبقي اسمه مضيئاً في سجل الأبطال. وخلَّدت كذلك ملامح الشهيد الشاعر فائق عبدالجليل، الذي اختطفته قوات الاحتلال بسبب كلماته الوطنية الجريئة، وتعرَّض لأبشع أنواع التعذيب، قبل أن يُعدم في سجون العراق، تاركاً خلفه إرثاً شعرياً خالداً في حُب الكويت.
وأشارت إلى أنها تسعى للتنوع في أعمالها، فقدَّمت لوحة «معركة الجسور» حيث جسَّدت ملحمة معركة الجسور، التي وقعت عند مدخل الجهراء في الساعات الأولى للغزو، وبرز فيها الدور البطولي للقائد اللواء ركن سالم المسعود، الذي تصدَّى بكل شجاعة للقوات العراقية، في واحدة من أشرس المواجهات، وسجَّل موقفاً وطنياً خالداً في سجل الفداء الكويتي، كما وثقت مشهداً يوثِّق استهداف قصر السيف العامر خلال الغزو العراقي الغاشم عام 1990، رمز الدولة ومقر الحُكم لم يسلم من القصف والتخريب، فطالته أيدي الاحتلال في محاولة يائسة لكسر هيبة الوطن، لكن القصر ظلَّ شامخاً في ذاكرة الكويتيين، ورمزاً للسيادة، وصمود الدولة في وجه الطغيان.
وحول لوحة «معركة القرين»، قالت العصفور إن هذا المنزل البسيط في القرين الذي تحوَّل إلى ساحة بطولة في 24 فبراير 1991، استحق أن يسجله التاريخ بحروفٍ من نور حين خاضت فيه مجموعة من شباب المقاومة معركة شرسة ضد قوات الاحتلال العراقي، رغم الحصار والقصف، صمد البيت بأبطاله، وسقط فيه 12 شهيداً، ليبقى شاهداً على الفداء، وواحداً من أهم معالم ذاكرة الكويت الوطنية.
فرحة التحرير
وعن «فرحة التحرير»، قدَّمت العصفور لوحة توثِّق هذه اللحظة الرمزية من يوم التحرير، يظهر فيها جندي كويتي يرفع علم الكويت أمام أبراجها، في مشهدٍ يجمع بين الفخر والانتصار، يحمل الجندي الراية بثبات، فيما تحلِّق حمائم السلام في السماء، لتعبِّر عن نهاية الاحتلال وبداية مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار. كما تناولت قضية عودة الأسري الكويتيين من المعتقلات العراقية بلوحة خاصة توثق هذه اللحظة بعد التحرير، وسط مشاعر الفرح والدموع والاحتضان، حيث يظهر الجندي يحتضن أحد أفراد عائلته، فيما ترفع الأعلام الكويتية في الخلفية، إيذاناً بانتهاء الاحتلال وعودة السيادة، في لوحة تختصر مشاعر الفقد والانتصار واللقاء في لحظة واحدة بعنوان «عودة الأسرى».