عدن كما كانت... مدينة سبقت زمنها
عدن ليست مجرد مدينة على خريطة الجنوب... عدن كانت ولاتزال «المدينة الفكرة»، و«المدينة النموذج»، و«المدينة الإنسان».
قبل أن تلمّها الحروب والصراعات، كانت عدن بوابة الجنوب إلى العالم، وميناءه الأهم، وذاكرته الأجمل.
عدن قديماً، كانت تُدرّس في كتب الجغرافيا كميناء عالمي يربط الشرق بالغرب، وكانت شوارعها تضجّ بلغات ولهجات من كلّ بقاع الأرض.
في التواهي والمعلا وكريتر، كان يمكنك أن ترى العربي والهندي والبريطاني يلتقون على رصيف واحد، ويتشاركون خبزاً ومقهى وأغنية. كانت عدن مدينة مدنية بامتياز، تسبق محيطها العربي في البنية التحتية، والتعليم، والصحافة، والفن.
كانت المرأة تخرج للعمل دون وصاية، والتعليم مختلط منذ الخمسينيات، والصحف تُطبع يومياً، والكتب تصل من بيروت ولندن، والفكر متنوع لا مقموع.
في عدن كان أول بنك، وأول إذاعة، وأول شركة طيران في الجزيرة العربية.
عدن كانت بوابة الفكرة، والمسرح، والحرية، وكانت الملجأ لكل مضطهد، والميناء لكل حالم.
اليوم حين نتحدث عن عدن، نحن لا نرثيها، بل نُذكّر بها.
نُذكّر من لا يعرف أن هذه المدينة كانت حلماً متحققاً، وأنها مازالت تملك الإرث والقدرة على النهوض.
ما تحتاجه عدن ليس الشفقة، بل إعادة الاعتبار... وما تحتاجه منّا، أن نروي تاريخها كما كان، ونصون حاضرها كما يليق، ونحمي ما تبقى من روحها المتعبة.
عدن ليست مدينة ماضٍ فقط، بل مدينة إذا نهضت... نهض الجنوب معها.
* إعلامي يمني