أوقفوا مداهمات العمل التي تنفذها «الهجرة» و«الجمارك»

نشر في 03-08-2025
آخر تحديث 02-08-2025 | 19:41
 وول ستريت جورنال

شهدت الأسابيع الماضية تقارير عديدة عن مداهمات تنفذها سُلطات الهجرة والجمارك (ICE) في أماكن العمل، من مطاعم ومزارع إلى مواقع بناء. ففي يونيو الماضي، داهمت الوكالة مصنعاً للحوم في أوماها، نبراسكا، واحتجزت أكثر من 100 عامل يُشتبه باستخدامهم وثائق مزيفة.

وقال صاحب المصنع لصحيفة نيويورك تايمز إن بعض هؤلاء عملوا لديه لعقود، واصفاً إياهم بأنهم «أُناس بسطاء نزيهون ساعدوا في بناء هذه الشركة».

إدارة ترامب ترى في هذه الحملات رسالة ردع: «لا تأتوا إلى هنا بطريقة غير شرعية». لكن تلك الرسالة، إن لم تكن قد وصلت بالفعل، فإن ترامب نفسه يكفي لإيصالها، خصوصاً مع أن الحدود باتت مُغلقة إلى حدٍّ كبير. المشكلة أن هذه المداهمات تمثل خطأ أخلاقياً وسياسياً كبيراً.

يريد الأميركيون طرد المُجرمين ومُثيري الشغب من البلاد، لا الجيران المجتهدين الذين يكدّون يوماً بعد يوم في أعمالهم. هؤلاء لا يمثلون تهديداً، بل يساهمون في استمرار هذا البلد.

نحن أمة تُقدِّس العمل. لدينا ارتباط شبه روحي بفكرة «العامل المجتهد»، الذي نراه تجسيداً للمواطن الصالح. العمل ليس مجرَّد مصدر رزق، بل وسيلة للانتماء، ولتحقيق الذات، ولإعمار هذا العالم. الكاثوليك القدماء كانوا يقولون: «العمل صلاة». وسواء كنت أستاذاً في جامعة هارفارد، أو موظفاً بسيطاً في دائرة رسمية، فإنك حين تعمل بصدق، فأنت تؤدي رسالة.

العمل جزء من الهوية الأميركية، سواء وصلت إلى البلاد على متن «مايفلاور»، أو هبطت في مطار جون كينيدي قبل خمس سنوات. هذه الفكرة شكَّلت وجداننا الجماعي منذ التأسيس، حيث التقت القيم البروتستانتية للعمل الشريف، كما وصفها عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، بروح الحدود الأميركية وروح الاعتماد على الذات.

عبَّر أبراهام لنكولن عن هذا بوضوح عام 1859 حين قال إن الشاب الفقير يبدأ بالعمل مقابل أجر، ثم يدَّخر ليشتري أدوات أو أرضاً، ليبدأ العمل لحسابه الخاص، ثم يوظِّف غيره. هذه هي دورة النهوض التي تؤمن بها أميركا.

لطالما أحببنا المهاجرين المجتهدين. رواية «أنطونيا»، للكاتبة ويلا كاذر، وثَّقت كيف أن المهاجرين الأوروبيين الذين استوطنوا نبراسكا جلبوا معهم حُب العمل، والصبر عليه، وروح التعاون والجيرة. لقد عاشوا في ظروف قاسية، لكنهم لم يستسلموا.

لا يمكن لأي أميركي أن يرى عاملاً بسيطاً يُسحب من مطبخ مطعم أو مزرعة أمام زملائه، دون أن يشعر بالعار. مَنْ لا يرى في هؤلاء «الطرف الأضعف» في هذه الدراما، فقد انسجم مع القسوة ونسي جذور بلاده.

أنا شخصياً عارضت الهجرة غير الشرعية لعقود، وطالبت بإغلاق الحدود مراراً. وكنت من الأصوات الرافضة لمشاريع «التسوية الشاملة» في عهد جورج بوش، لكنني أقول اليوم بوضوح: حماية الحدود واجب، نعم، لكننا أيضاً نمتلك أفضل المهاجرين في العالم- من حملة الشهادات العليا إلى سائقي أوبر، ويجب أن نتصرَّف بما يعكس هذا الواقع.

معظم المهاجرين، حتى أولئك الذين دخلوا بطريقة غير قانونية، يشبهون الأميركيين في عُمقهم الثقافي وفهمهم لمعنى الحياة. إنهم يعملون بجد، ويربّون عائلاتهم، ويملكون إيماناً يشبه إيماننا. وإذا كنت من سكان نيويورك، فقط احضر قدَّاس الأحد باللغة الإسبانية في كاتدرائية القديس باتريك لتعرف معنى الكرامة والتفاني.

نعم، فلنطرد المجرمين، لكننا يجب أن نكف عن ملاحقة مَنْ يغسل الصحون أو يحرس مواقع البناء. لقد أغلقنا الحدود، وآن الأوان لإظهار بعض الرحمة والوفاء.

كفى مطاردة للأبرياء. لن يدعم الشعب الأميركي هذه المداهمات. لا يليق بنا كأمة أن نسلب إنساناً شريفاً مصدر رزق... نحن لسنا أمة شريرة.

* بيغي نونان

back to top